المشروع الإيراني كُسر في دمشق مروان قبلان للتلفزيون العربي سوريا دولة حرة الآن
تحليل فيديو: المشروع الإيراني كُسر في دمشق - مروان قبلان للتلفزيون العربي: سوريا دولة حرة الآن
يشكل الفيديو الذي يحمل عنوان المشروع الإيراني كُسر في دمشق - مروان قبلان للتلفزيون العربي: سوريا دولة حرة الآن والمنشور على يوتيوب (https://www.youtube.com/watch?v=T7yu1DpCjoQ) مادة دسمة للتحليل السياسي والاستراتيجي حول الوضع في سوريا، ودور إيران فيه، وتداعيات ذلك على مستقبل البلاد والمنطقة. يقدم المحلل السياسي مروان قبلان رؤيته حول ما يعتبره كسراً للمشروع الإيراني في دمشق، مستنداً إلى معطيات وتطورات معينة يطرحها في سياق حديثه. يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل معمق لأهم النقاط التي تناولها الفيديو، مع تسليط الضوء على السياق التاريخي والسياسي الذي يحيط بالقضية.
السياق التاريخي للعلاقات السورية الإيرانية
لفهم طبيعة المشروع الإيراني الذي يتحدث عنه قبلان، لا بد من استعراض سريع للعلاقات السورية الإيرانية، التي تعود جذورها إلى ما قبل الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. خلال فترة حكم حافظ الأسد، شهدت العلاقات بين البلدين تحالفاً استراتيجياً قوياً، خاصة في ظل الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، حيث وقفت سوريا إلى جانب إيران في مواجهة نظام صدام حسين. هذا التحالف لم يكن مبنياً على توافق أيديولوجي بالضرورة، بل كان مدفوعاً بالمصالح الجيوسياسية المتبادلة، وخاصة في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة. بعد وفاة حافظ الأسد وتولي بشار الأسد الحكم، استمر هذا التحالف، وتعزز بشكل خاص بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث أصبحت سوريا وإيران تشتركان في معارضة النفوذ الأمريكي في المنطقة. ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحول هذا التحالف إلى دعم عسكري واقتصادي وسياسي مباشر من إيران لنظام الأسد، مما أدى إلى تعميق النفوذ الإيراني في سوريا بشكل غير مسبوق.
ملامح المشروع الإيراني في سوريا
عندما يتحدث قبلان عن المشروع الإيراني في سوريا، فإنه يشير إلى مجموعة من الأهداف والاستراتيجيات التي تسعى إيران لتحقيقها في هذا البلد. يمكن تلخيص هذه الملامح فيما يلي:
- الحفاظ على نظام الأسد: يعتبر بقاء نظام الأسد في السلطة هدفاً استراتيجياً أساسياً لإيران، وذلك لأسباب عدة، منها الحفاظ على محور المقاومة الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله، وتأمين طريق الإمداد اللوجستي لحزب الله في لبنان.
- تعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي: تسعى إيران إلى توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في سوريا من خلال توقيع اتفاقيات استثمارية واقتصادية، وتأسيس شركات ومؤسسات تابعة لها، وتقديم الدعم المالي للنظام.
- التأثير على التركيبة السكانية: تشير تقارير عديدة إلى أن إيران تعمل على تغيير التركيبة السكانية في بعض المناطق السورية، من خلال تهجير السكان الأصليين واستبدالهم بموالين لها، بهدف ضمان ولاء هذه المناطق لها في المستقبل.
- بناء قوة عسكرية موالية: تعمل إيران على تدريب وتسليح ميليشيات محلية موالية لها، وتشكيل قوة عسكرية موازية للجيش السوري، بهدف ضمان نفوذها العسكري في سوريا حتى بعد انتهاء الحرب.
- نشر التشيع: تتهم بعض الجهات إيران بمحاولة نشر التشيع في سوريا، من خلال بناء المساجد والحسينيات، وتقديم الدعم المالي والاجتماعي للمتحولين إلى المذهب الشيعي.
ما هي الأدلة التي يستند إليها قبلان للقول بأن المشروع الإيراني كُسر؟
يشير قبلان في الفيديو إلى مجموعة من العوامل التي يعتبرها مؤشرات على كسر المشروع الإيراني في دمشق. من بين هذه العوامل:
- التدخل الروسي: يرى قبلان أن التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 قد حد من النفوذ الإيراني في البلاد، حيث أصبحت روسيا هي القوة المهيمنة على الأرض، وصاحبة القرار النهائي في العديد من القضايا.
- الضغوط الاقتصادية على إيران: يشير قبلان إلى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران قد أضعفت قدرتها على تقديم الدعم المالي للنظام السوري، مما أدى إلى تراجع نفوذها الاقتصادي في البلاد.
- المعارضة الداخلية للنفوذ الإيراني: يرى قبلان أن هناك معارضة متزايدة داخل النظام السوري للنفوذ الإيراني، وأن بعض المسؤولين السوريين يشعرون بالقلق من تزايد هذا النفوذ وتأثيره على سيادة البلاد.
- تراجع الحاضنة الشعبية للمشروع الإيراني: يشير قبلان إلى أن الشعب السوري يرفض بشكل عام النفوذ الإيراني، وأن هناك استياءً متزايداً من التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للبلاد.
هل بالفعل المشروع الإيراني كُسر؟ نظرة نقدية
على الرغم من أن هناك بعض المؤشرات التي تدعم وجهة نظر قبلان، إلا أنه من الصعب الجزم بأن المشروع الإيراني كُسر بشكل كامل في سوريا. فصحيح أن التدخل الروسي قد حد من النفوذ الإيراني، وأن العقوبات الاقتصادية قد أضعفت قدرة إيران على تقديم الدعم المالي، إلا أن إيران لا تزال تحتفظ بنفوذ كبير في سوريا، ولديها قاعدة عسكرية واقتصادية واجتماعية قوية في البلاد. كما أن النظام السوري لا يزال يعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني، ولا يمكنه الاستغناء عنه بشكل كامل في الوقت الحالي. علاوة على ذلك، فإن إيران لديها استراتيجية طويلة الأمد في سوريا، ولن تتخلى عنها بسهولة، حتى في ظل التحديات التي تواجهها. لذلك، يمكن القول بأن المشروع الإيراني قد تعرض لبعض النكسات والتحديات، ولكنه لم يُكسر بشكل كامل، ولا يزال يمثل قوة فاعلة ومؤثرة في سوريا.
مستقبل سوريا في ظل الصراع على النفوذ
إن مستقبل سوريا لا يزال غامضاً في ظل الصراع على النفوذ بين القوى الإقليمية والدولية، وعلى رأسها إيران وروسيا. ففي الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى الحفاظ على مصالحها في سوريا، وإعادة إعمار البلاد، تعمل إيران على تعزيز نفوذها وتأمين مصالحها الاستراتيجية. هذا الصراع على النفوذ يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في سوريا، وإلى إطالة أمد الصراع. ولتحقيق الاستقرار في سوريا، لا بد من التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع السوريين، ويحترم سيادة البلاد، ويقطع الطريق على التدخلات الخارجية. كما يجب على المجتمع الدولي أن يضطلع بدوره في دعم عملية إعادة الإعمار، وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب.
خلاصة
يقدم فيديو مروان قبلان تحليلاً مثيراً للاهتمام حول الوضع في سوريا، ودور إيران فيه، وتداعيات ذلك على مستقبل البلاد. وعلى الرغم من أن وجهة نظره القائلة بأن المشروع الإيراني كُسر قد تكون مبالغاً فيها بعض الشيء، إلا أنها تسلط الضوء على التحديات التي تواجه إيران في سوريا، وعلى الجهود المبذولة للحد من نفوذها. ويبقى مستقبل سوريا مرهوناً بتطورات الأوضاع على الأرض، وبقدرة القوى الإقليمية والدولية على التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن الاستقرار والسلام في هذا البلد الذي عانى كثيراً.
مقالات مرتبطة