Now

روسيا تدعم إيران في امتلاك طاقة نووية سلمية وطهران تشترط حضور موسكو وبيكين في المفاوضات

روسيا تدعم إيران في امتلاك طاقة نووية سلمية وطهران تشترط حضور موسكو وبيكين في المفاوضات

يشكل الملف النووي الإيراني أحد أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية في السياسة الدولية المعاصرة. وبينما تسعى القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى الحد من برنامج إيران النووي، تبرز روسيا كداعم رئيسي لحق إيران في امتلاك طاقة نووية سلمية، وتدعو إلى حل دبلوماسي يضمن هذا الحق مع فرض رقابة دولية صارمة. وفي المقابل، تضع إيران شروطًا للمفاوضات تتضمن حضور كل من روسيا والصين، وهما قوتان عالميتان تربطها علاقات وثيقة بطهران، مما يعكس رغبة إيران في تعزيز موقفها التفاوضي وضمان حصولها على دعم دولي قوي.

يهدف هذا المقال إلى تحليل موقف روسيا الداعم لإيران في برنامجها النووي السلمي، والشروط التي تضعها طهران للمفاوضات، وتأثير هذه المواقف على مستقبل الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA) والعلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط. سنستعرض الدوافع الروسية وراء هذا الدعم، والمصالح الإيرانية التي تسعى طهران لتحقيقها من خلال اشتراط حضور موسكو وبكين في المفاوضات، والتحديات التي تواجه إحياء الاتفاق النووي في ظل هذه الظروف.

الدعم الروسي للبرنامج النووي الإيراني السلمي: دوافع ومصالح

تعتبر روسيا من أقوى الداعمين لحق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي. هذا الدعم ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى عقود مضت، حيث قامت روسيا ببناء وتشغيل محطة بوشهر للطاقة النووية، وهي المحطة النووية الوحيدة في إيران. وتبرر روسيا هذا الدعم بعدة دوافع ومصالح:

  1. المصالح الاقتصادية: تمثل إيران شريكًا تجاريًا هامًا لروسيا، وخصوصًا في مجالات الطاقة والبنية التحتية. تشغيل محطة بوشهر وتقديم الدعم الفني والتقني لها يدر أرباحًا كبيرة على الشركات الروسية، ويعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
  2. المصالح الاستراتيجية: ترى روسيا في إيران حليفًا استراتيجيًا في منطقة الشرق الأوسط، يساعدها في تحقيق التوازن الإقليمي ومواجهة النفوذ الغربي، وخاصة النفوذ الأمريكي. دعم إيران في برنامجها النووي، مع التأكيد على الطابع السلمي، يساهم في تعزيز قوة إيران الإقليمية، وبالتالي تعزيز موقف روسيا في المنطقة.
  3. مواجهة الضغوط الغربية: تعتبر روسيا أن الضغوط الغربية على إيران، وخاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي، هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف روسيا وتقويض نفوذها في العالم. من خلال دعم إيران، تسعى روسيا إلى تحدي هذه الضغوط وإظهار قدرتها على حماية مصالحها وحلفائها.
  4. الالتزام بالقانون الدولي: تؤكد روسيا على حق جميع الدول في امتلاك طاقة نووية سلمية، طالما أنها تلتزم بمعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) وتخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA). ترى روسيا أن إيران ملتزمة بهذه الشروط، وبالتالي تستحق الدعم في برنامجها النووي السلمي.

شروط إيران للمفاوضات: حضور موسكو وبكين

تصر إيران على حضور روسيا والصين في أي مفاوضات مستقبلية بشأن برنامجها النووي. هذا الشرط يعكس رغبة إيران في تحقيق عدة أهداف:

  1. تعزيز الموقف التفاوضي: ترى إيران أن حضور روسيا والصين، وهما قوتان عالميتان تربطها علاقات وثيقة بطهران، سيعزز موقفها التفاوضي ويمنحها قوة أكبر في مواجهة الضغوط الغربية.
  2. الحصول على ضمانات دولية: تسعى إيران إلى الحصول على ضمانات دولية قوية تضمن عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مرة أخرى، كما فعلت في عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب. ترى إيران أن حضور روسيا والصين في المفاوضات سيضمن وجود طرفين دوليين قويين يمكنهما الضغط على الولايات المتحدة للالتزام بالاتفاق.
  3. تنويع الشركاء: تدرك إيران أهمية تنويع شركائها الدوليين وعدم الاعتماد بشكل كامل على الغرب. من خلال إشراك روسيا والصين في المفاوضات، تسعى إيران إلى تعزيز علاقاتها مع هاتين القوتين وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
  4. مواجهة العقوبات: تواجه إيران عقوبات اقتصادية قاسية فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى. ترى إيران أن روسيا والصين يمكنهما المساعدة في تخفيف آثار هذه العقوبات من خلال زيادة التجارة والاستثمار وتقديم الدعم الاقتصادي.

تأثير المواقف الروسية والإيرانية على مستقبل الاتفاق النووي

تؤثر المواقف الروسية والإيرانية بشكل كبير على مستقبل الاتفاق النووي. فمن ناحية، يمثل الدعم الروسي لإيران عاملاً إيجابيًا، حيث يساعد في الحفاظ على برنامج إيران النووي السلمي ويمنع التصعيد. ومن ناحية أخرى، قد تؤدي شروط إيران للمفاوضات إلى تعقيد الأمور وتأخير إحياء الاتفاق.

تواجه جهود إحياء الاتفاق النووي عدة تحديات، بما في ذلك:

  1. الخلافات بين إيران والولايات المتحدة: لا تزال هناك خلافات كبيرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن شروط العودة إلى الاتفاق. تطالب إيران برفع جميع العقوبات التي فرضت عليها بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، بينما تصر الولايات المتحدة على أن إيران يجب أن تعود أولاً إلى الامتثال الكامل للاتفاق قبل رفع العقوبات.
  2. الموقف الإسرائيلي: تعارض إسرائيل بشدة الاتفاق النووي وتدعو إلى ممارسة أقصى الضغوط على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي. قد تقوم إسرائيل باتخاذ إجراءات أحادية الجانب لعرقلة البرنامج النووي الإيراني، مما قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي.
  3. التطورات الإقليمية: تؤثر التطورات الإقليمية في الشرق الأوسط، مثل الصراعات في سوريا واليمن، على الملف النووي الإيراني. قد تستخدم إيران برنامجها النووي كورقة ضغط في هذه الصراعات، مما يزيد من تعقيد الأمور.

خاتمة

في الختام، يمثل الدعم الروسي لإيران في برنامجها النووي السلمي والشروط التي تضعها طهران للمفاوضات عناصر أساسية في المشهد النووي الإيراني المعقد. تعكس هذه المواقف تلاقي المصالح بين روسيا وإيران في مواجهة النفوذ الغربي وتعزيز الاستقرار الإقليمي من وجهة نظرهما. ومع ذلك، فإن هذه المواقف تزيد من تعقيد جهود إحياء الاتفاق النووي وتطرح تحديات كبيرة أمام الدبلوماسية الدولية. يبقى الحل الأمثل هو الحوار والتفاوض بين جميع الأطراف المعنية، مع مراعاة مصالح جميع الأطراف والالتزام بالقانون الدولي، وذلك لضمان عدم انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط وتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا