السودان إيغاد أفادت بتعثر لقاء البرهان ودقلو في جيبوتي لأسباب فنية
تحليل تعثر لقاء البرهان ودقلو في جيبوتي: قراءة في الأسباب والدلالات
في خضم الأزمة السودانية المتفاقمة، والتي دخلت شهرها (تاريخ اليوم)، تتركز الأنظار على الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار وبدء حوار سياسي يفضي إلى حل شامل للأزمة. وفي هذا السياق، برزت مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) لعقد لقاء مباشر بين قائدي طرفي النزاع، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، والفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، في جيبوتي. إلا أن الإعلان عن تعثر هذا اللقاء المرتقب، كما ورد في فيديو اليوتيوب المنشور على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=88Er7bM6jpY، أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التعثر، وتداعياته المحتملة على مسار الأزمة السودانية.
الأسباب المعلنة لتعثر اللقاء: أسباب فنية
وفقًا لما ورد في الفيديو وما نقلته مصادر إعلامية أخرى، صرحت إيغاد بأن تعثر اللقاء يعود إلى أسباب فنية. هذا التعبير الفضفاض يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، ويثير الشكوك حول ما إذا كانت هذه الأسباب المعلنة هي بالفعل الدافع الرئيسي وراء تأجيل أو إلغاء اللقاء. من بين التفسيرات المحتملة لهذه الأسباب الفنية:
- مشاكل لوجستية: قد تشمل هذه المشاكل صعوبات في ترتيبات السفر والإقامة للفريقين، أو صعوبات في توفير الضمانات الأمنية اللازمة لضمان سلامة المشاركين في اللقاء.
- خلافات بروتوكولية: قد تنشأ خلافات حول تفاصيل البروتوكول المتعلقة باللقاء، مثل تحديد جدول الأعمال، أو تحديد طبيعة التمثيل لكل طرف، أو تحديد الجهة التي ستتولى رئاسة الاجتماع.
- تضارب في المواعيد: قد يكون لدى أحد الطرفين أو كليهما التزامات مسبقة تتعارض مع الموعد المقترح للقاء.
إلا أن هذه التفسيرات تبدو سطحية ولا تعكس بالضرورة التعقيدات الكامنة وراء الأزمة السودانية، والتي قد تكون السبب الحقيقي وراء تعثر اللقاء.
الأسباب الكامنة المحتملة: خلافات جوهرية وشروط مسبقة
بالإضافة إلى الأسباب الفنية المعلنة، من المرجح أن تكون هناك أسباب كامنة أكثر جوهرية وراء تعثر اللقاء، تتعلق بالخلافات العميقة بين الطرفين المتنازعين، والشروط المسبقة التي يضعها كل طرف قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. من بين هذه الأسباب المحتملة:
- الخلاف حول وقف إطلاق النار: يعتبر وقف إطلاق النار شرطًا أساسيًا لأي حوار سياسي جاد. إلا أن الطرفين يتبادلان الاتهامات بخرق الهدنات المتتالية، ويختلفان حول آليات الرقابة والتحقق من الالتزام بوقف إطلاق النار. قد يكون أحد الطرفين أو كلاهما غير مستعد لوقف إطلاق النار بشكل كامل، أو قد يضع شروطًا تعجيزية لتحقيق ذلك.
- الخلاف حول مستقبل قوات الدعم السريع: يمثل مستقبل قوات الدعم السريع نقطة خلاف جوهرية بين الطرفين. يطالب الجيش بدمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي، في حين يرفض قادة الدعم السريع هذا الطرح، ويطالبون بدور مستقل لقواتهم في المؤسسة العسكرية السودانية. قد يكون هذا الخلاف العميق عقبة رئيسية أمام أي اتفاق سياسي محتمل.
- الشروط المسبقة للبرهان ودقلو: قد يكون كل من البرهان ودقلو يضع شروطًا مسبقة للمشاركة في اللقاء، تتعلق بقضايا مثل الإفراج عن المعتقلين، أو السماح بوصول المساعدات الإنسانية، أو تحديد الأطراف التي ستشارك في الحوار السياسي. قد تكون هذه الشروط غير مقبولة للطرف الآخر، مما يؤدي إلى تعثر اللقاء.
- ضغوط إقليمية ودولية: قد يكون هناك ضغوط إقليمية ودولية تمارس على أحد الطرفين أو كليهما لعدم المشاركة في اللقاء، أو للمشاركة بشروط محددة. قد تكون هذه الضغوط ناتجة عن اختلاف المصالح الإقليمية والدولية في السودان، ورغبة بعض الأطراف في الحفاظ على نفوذها في البلاد.
الدلالات والتداعيات المحتملة لتعثر اللقاء
بغض النظر عن الأسباب الحقيقية وراء تعثر اللقاء بين البرهان ودقلو، فإن هذا التعثر يحمل دلالات سلبية، وله تداعيات محتملة على مسار الأزمة السودانية. من بين هذه الدلالات والتداعيات:
- إطالة أمد الأزمة: يعني تعثر اللقاء استمرار القتال والنزاع في السودان، وتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. كل يوم يمر دون حل للأزمة يزيد من معاناة الشعب السوداني، ويزيد من خطر تفكك الدولة السودانية.
- تقويض جهود الوساطة: يضعف تعثر اللقاء من مصداقية جهود الوساطة الإقليمية والدولية، ويقلل من فرص التوصل إلى حل سلمي للأزمة. قد يؤدي ذلك إلى فقدان الأمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي، وتشجيع الأطراف المتنازعة على مواصلة القتال لتحقيق أهدافها بالقوة.
- تدهور الأوضاع الإنسانية: يؤدي استمرار القتال إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وزيادة عدد النازحين واللاجئين، ونقص الغذاء والدواء، وانتشار الأمراض. قد يؤدي ذلك إلى كارثة إنسانية شاملة، تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلاً لتقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.
- تصعيد الصراع: قد يؤدي تعثر اللقاء إلى تصعيد الصراع في السودان، وتوسع نطاقه ليشمل مناطق أخرى من البلاد. قد يؤدي ذلك إلى تدخل أطراف إقليمية ودولية أخرى في الصراع، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويجعل إيجاد حل لها أكثر صعوبة.
خاتمة: الحاجة إلى رؤية جديدة لحل الأزمة
في الختام، يمثل تعثر اللقاء المرتقب بين البرهان ودقلو في جيبوتي نكسة جديدة في مسار الأزمة السودانية. يشير هذا التعثر إلى أن الأزمة السودانية أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه، وأن حلها يتطلب رؤية جديدة تتجاوز الحلول التقليدية. يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن الأزمة السودانية ليست مجرد صراع بين جنرالين، بل هي أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة، تتطلب حلولًا شاملة ومستدامة. يجب على جميع الأطراف المعنية بالأزمة السودانية أن تضع مصالح الشعب السوداني فوق أي اعتبار آخر، وأن تعمل بجدية وإخلاص لتحقيق وقف إطلاق النار، وبدء حوار سياسي شامل، يؤدي إلى بناء دولة سودانية ديمقراطية ومزدهرة.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة