Now

خلافات تشق صفوف الحكومة بشأن صفقة تبادل الأسرى وتغير في موقف الإسرائيليين بشأن مواصلة الحرب على غزة

خلافات تشق صفوف الحكومة بشأن صفقة تبادل الأسرى وتغير في موقف الإسرائيليين بشأن مواصلة الحرب على غزة

الحرب على غزة، والتي اندلعت شرارتها بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر، لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد السياسي والمجتمعي في إسرائيل. وبينما تتواصل العمليات العسكرية في القطاع، تظهر تصدعات عميقة في صفوف الحكومة الإسرائيلية، وتتزايد الأصوات المنتقدة لنهجها، خاصة فيما يتعلق بملف الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، واستراتيجية مواصلة الحرب في ظل التكاليف الباهظة التي تتكبدها إسرائيل على كافة الأصعدة.

تتضمن هذه الورقة تحليلاً معمقاً للخلافات المتصاعدة داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى، مع التركيز على الأسباب الجذرية لهذه الخلافات وتأثيرها على مسار الحرب وقراراتها المستقبلية. كما تتناول الورقة التغيرات الطارئة على موقف الرأي العام الإسرائيلي من مواصلة الحرب، مع الأخذ في الاعتبار تزايد الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها الحكومة.

الخلافات الداخلية حول صفقة تبادل الأسرى

منذ بداية الحرب، كان ملف الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس يمثل أولوية قصوى بالنسبة للحكومة الإسرائيلية. إلا أن التباين في وجهات النظر حول كيفية التعامل مع هذا الملف، وشروط التفاوض مع حماس، قد أدى إلى خلافات حادة داخل الحكومة. يمكن إجمال أبرز هذه الخلافات في النقاط التالية:

  1. الأولوية بين تحرير الأسرى وتحقيق الأهداف العسكرية: يرى بعض أعضاء الحكومة، وخاصة من اليمين المتطرف، أن الأولوية القصوى يجب أن تكون لتحقيق الأهداف العسكرية للحرب، المتمثلة في القضاء على حركة حماس وتدمير قدراتها العسكرية. ويؤكدون أن تقديم تنازلات كبيرة لحماس مقابل إطلاق سراح الأسرى قد يشجع الحركة على تكرار عمليات مماثلة في المستقبل، ويضر بالردع الإسرائيلي. في المقابل، يرى آخرون، مدعومين بشدة من عائلات الأسرى والرأي العام، أن تحرير الأسرى يجب أن يكون الأولوية القصوى، حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات مؤلمة. ويستندون في موقفهم هذا إلى الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية، وإلى المسؤولية التي تقع على عاتق الحكومة تجاه مواطنيها المحتجزين.
  2. شروط التفاوض مع حماس: تختلف وجهات النظر أيضاً حول الشروط التي يجب على إسرائيل الالتزام بها في المفاوضات مع حماس. يرفض البعض التفاوض مع حماس بشكل مباشر، ويصرون على أن يتم التفاوض من خلال وسطاء. كما يرفضون تقديم أي تنازلات جوهرية، مثل إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين أو الانسحاب من مناطق في غزة. في المقابل، يرى آخرون أن التفاوض المباشر مع حماس قد يكون ضرورياً لتحقيق تقدم في ملف الأسرى، وأن تقديم بعض التنازلات قد يكون حتمياً لإنقاذ حياة الأسرى.
  3. دور الوسطاء: تلعب دول مثل قطر ومصر دوراً محورياً في الوساطة بين إسرائيل وحماس. إلا أن هناك خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية حول مدى الثقة التي يمكن منحها لهؤلاء الوسطاء، ومدى قدرتهم على الضغط على حماس لتقديم تنازلات. يتهم بعض أعضاء الحكومة قطر بالانحياز إلى حماس، ويعتبرون أن مصر غير قادرة على ممارسة ضغوط كافية على الحركة.
  4. تسريب المعلومات: تتهم بعض الأطراف داخل الحكومة أطرافاً أخرى بتسريب معلومات حساسة حول المفاوضات إلى وسائل الإعلام، مما يعرقل جهود الوساطة ويزيد من تعقيد الأمور.

تغير في موقف الإسرائيليين بشأن مواصلة الحرب

في بداية الحرب، كان هناك إجماع واسع في إسرائيل على ضرورة مواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها المعلنة. إلا أنه مع مرور الوقت، وتزايد الخسائر البشرية والاقتصادية، بدأت تظهر علامات على تغير في موقف الرأي العام الإسرائيلي. يمكن رصد هذه التغيرات في النقاط التالية:

  1. تزايد القلق بشأن الأسرى: مع استمرار احتجاز الأسرى لدى حماس، يتزايد القلق والخوف بين الإسرائيليين بشأن مصيرهم. يطالب الكثيرون الحكومة ببذل المزيد من الجهود لتحرير الأسرى، حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات كبيرة.
  2. الخسائر البشرية والاقتصادية: تسببت الحرب في خسائر بشرية واقتصادية كبيرة لإسرائيل. فقد قتل مئات الجنود والمدنيين، وتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة. بدأت هذه الخسائر تؤثر على معنويات الإسرائيليين، وتزيد من شكوكهم حول جدوى مواصلة الحرب.
  3. الضغوط الدولية: تتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة لوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. هذه الضغوط تزيد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، وتضعف موقفها التفاوضي.
  4. البدائل الاستراتيجية: بدأ بعض المحللين والسياسيين الإسرائيليين يطرحون بدائل استراتيجية للحرب، مثل التفاوض مع حماس على وقف إطلاق النار، أو التوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع الحركة. هذه البدائل تجد صدى لدى بعض الإسرائيليين الذين يشعرون بالإحباط من الحرب.
  5. الاحتجاجات: تتزايد الاحتجاجات في إسرائيل التي تطالب الحكومة ببذل المزيد من الجهود لتحرير الأسرى ووقف الحرب. هذه الاحتجاجات تعكس تزايد السخط الشعبي على أداء الحكومة.

تأثير الخلافات وتغير الموقف على مسار الحرب

لا شك أن الخلافات الداخلية في الحكومة الإسرائيلية والتغيرات في موقف الرأي العام تؤثر بشكل كبير على مسار الحرب وقراراتها المستقبلية. يمكن إجمال أبرز هذه التأثيرات في النقاط التالية:

  1. صعوبة اتخاذ القرارات: تجعل الخلافات الداخلية من الصعب على الحكومة اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الحرب، خاصة فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى.
  2. إضعاف الموقف التفاوضي: تؤدي الخلافات إلى إضعاف الموقف التفاوضي لإسرائيل أمام حماس، حيث تستغل الحركة هذه الخلافات للضغط على إسرائيل وتقديم مطالب أكثر تعقيداً.
  3. تقويض الثقة بالحكومة: تؤدي الخلافات والاحتجاجات إلى تقويض الثقة بالحكومة، وتزيد من الانقسامات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي.
  4. تأثير على العلاقات الدولية: تؤثر الخلافات وتزايد الضغوط الدولية على علاقات إسرائيل مع الدول الأخرى، وقد تؤدي إلى فرض عقوبات عليها.
  5. احتمال وقف إطلاق النار: تزيد الخلافات والتغيرات في موقف الرأي العام من احتمالية التوصل إلى وقف إطلاق النار في المستقبل القريب.

خلاصة

تواجه الحكومة الإسرائيلية تحديات كبيرة في ظل استمرار الحرب على غزة. فالخلافات الداخلية حول صفقة تبادل الأسرى والتغيرات في موقف الرأي العام بشأن مواصلة الحرب تضعف من قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الحاسمة، وتقوض الثقة بها. بينما تتواصل العمليات العسكرية، تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة للتوصل إلى حل للأزمة، وتحرير الأسرى، ووقف إطلاق النار. مستقبل الحرب على غزة يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة الإسرائيلية على تجاوز خلافاتها الداخلية، والاستماع إلى صوت الشعب، والاستجابة للضغوط الدولية.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا