واشنطن تؤكد عدم دعمها لعملية عسكرية في رفح هل يتحول الموقف الأمريكي

واشنطن تؤكد عدم دعمها لعملية عسكرية في رفح: هل يتحول الموقف الأمريكي؟

يشكل قطاع غزة، وخاصة مدينة رفح الواقعة في جنوبه، بؤرة توتر شديد الحساسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر. ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، تصاعدت المخاوف الدولية بشأن مصير المدنيين المحاصرين في رفح، والذين نزح إليها مئات الآلاف من مناطق أخرى في غزة بحثاً عن الأمان النسبي. وفي هذا السياق، يكتسب الموقف الأمريكي أهمية قصوى، كونه الداعم الرئيسي لإسرائيل على الساحة الدولية.

الفيديو المعنون واشنطن تؤكد عدم دعمها لعملية عسكرية في رفح: هل يتحول الموقف الأمريكي؟ والمنشور على يوتيوب (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=0MjCGgYD4oQ) يطرح تساؤلاً حاسماً حول مدى جدية هذا الموقف الأمريكي، وهل يمكن أن يشهد تحولاً في ظل تطورات الأوضاع الميدانية والضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس على الإدارة الأمريكية.

الموقف الأمريكي المعلن: قلق وتحذير

أعلنت الإدارة الأمريكية مراراً وتكراراً عن قلقها البالغ إزاء الوضع الإنساني المتدهور في رفح، وحذرت إسرائيل من مغبة شن عملية عسكرية واسعة النطاق في المدينة دون خطة واضحة لحماية المدنيين. وتؤكد واشنطن على أن أي عملية عسكرية يجب أن تأخذ في الاعتبار سلامة المدنيين وتوفير ممرات آمنة لهم، بالإضافة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ومستدام.

وقد عبر مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى، بمن فيهم الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، عن مخاوفهم هذه بشكل مباشر للقيادة الإسرائيلية. كما أن الولايات المتحدة استخدمت نفوذها الدبلوماسي في المحافل الدولية لحث إسرائيل على ضبط النفس وتجنب التصعيد.

إن هذا الموقف المعلن يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في الحفاظ على توازن دقيق بين دعمها التقليدي لإسرائيل وبين مراعاة الاعتبارات الإنسانية والضغط الدولي المتزايد. كما أنه يأتي في سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، حيث يسعى الرئيس بايدن إلى استمالة الناخبين التقدميين والديمقراطيين الذين ينتقدون بشدة السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

هل يتحول الموقف الأمريكي؟ عوامل الضغط والتأثير

السؤال الأهم الذي يطرحه الفيديو هو ما إذا كان هذا الموقف الأمريكي المعلن سيظل ثابتاً، أم أنه قابل للتغيير في ظل الظروف المتغيرة. هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر على الموقف الأمريكي وتدفعه نحو التحول، من بينها:

• الأوضاع الميدانية في رفح: إذا ما قامت إسرائيل بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، وأسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، فإن ذلك سيضع الإدارة الأمريكية تحت ضغط شديد من الرأي العام الدولي والمحلي. وقد تضطر واشنطن حينها إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل، بما في ذلك فرض عقوبات أو تقييد المساعدات العسكرية.
• الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة: يواجه الرئيس بايدن ضغوطاً متزايدة من داخل حزبه الديمقراطي ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني لوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل. وقد تضطر الإدارة الأمريكية إلى الاستجابة لهذه الضغوط من خلال اتخاذ خطوات ملموسة للضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية وحماية المدنيين.
• الموقف الدولي: هناك إجماع دولي متزايد على ضرورة حماية المدنيين في رفح ووقف التصعيد. وقد تلجأ بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل إذا ما استمرت في عملياتها العسكرية. وهذا الضغط الدولي قد يؤثر على الموقف الأمريكي ويجعل واشنطن أكثر استعداداً للانخراط في جهود دولية للضغط على إسرائيل.
• المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس: إذا ما انهارت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، وفشلت الجهود الرامية إلى التوصل إلى هدنة وتبادل الأسرى، فإن ذلك قد يزيد من احتمالات التصعيد العسكري في رفح. وفي هذه الحالة، قد تجد الإدارة الأمريكية نفسها مضطرة إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل لمنع تدهور الأوضاع.
• تأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية: مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد تسعى الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ مواقف أكثر شعبية لدى الناخبين. وقد يعني ذلك اتخاذ موقف أكثر انتقاداً لإسرائيل إذا ما استمرت في عملياتها العسكرية في رفح.

سيناريوهات محتملة

بناءً على العوامل المذكورة أعلاه، يمكن تصور عدة سيناريوهات محتملة للموقف الأمريكي في الفترة القادمة:

• السيناريو الأول: استمرار الموقف الحالي مع تعديلات طفيفة. في هذا السيناريو، ستستمر الإدارة الأمريكية في التعبير عن قلقها بشأن الوضع الإنساني في رفح، ولكنها لن تتخذ إجراءات ملموسة للضغط على إسرائيل. قد تفرض واشنطن بعض العقوبات الرمزية على بعض المسؤولين الإسرائيليين، ولكنها لن تقطع المساعدات العسكرية أو تفرض عقوبات اقتصادية شاملة.
• السيناريو الثاني: اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل. في هذا السيناريو، ستقوم الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات أكثر صرامة على إسرائيل، وقد تقيد بعض المساعدات العسكرية. كما أنها قد تدعم قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح.
• السيناريو الثالث: تحول جذري في الموقف الأمريكي. في هذا السيناريو، ستقوم الإدارة الأمريكية بقطع المساعدات العسكرية عن إسرائيل، وقد تفرض عقوبات اقتصادية شاملة. كما أنها قد تدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. هذا السيناريو يعتبر الأقل احتمالاً، ولكنه ليس مستحيلاً.

خلاصة

إن الموقف الأمريكي تجاه العملية العسكرية المحتملة في رفح يمثل تحدياً كبيراً للإدارة الأمريكية. فمن ناحية، تسعى واشنطن إلى الحفاظ على دعمها التقليدي لإسرائيل. ومن ناحية أخرى، فهي مضطرة إلى مراعاة الاعتبارات الإنسانية والضغط الدولي المتزايد. إن التحول في الموقف الأمريكي يبقى مرهوناً بتطورات الأوضاع الميدانية والضغوط الداخلية والخارجية. وعلى الرغم من أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو استمرار الموقف الحالي مع تعديلات طفيفة، إلا أن السيناريوهات الأخرى تظل واردة، خاصة إذا ما تفاقمت الأوضاع الإنسانية في رفح أو إذا ما فشلت جهود السلام.

في الختام، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستنجح الولايات المتحدة في الحفاظ على توازنها الدقيق، أم أنها ستضطر إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير رفح ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.