الرياض تحتضن اجتماع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر كوب 16

الرياض تحتضن اجتماع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر كوب 16: خطوة نحو مستقبل أخضر

يشهد العالم اليوم تحديات بيئية متزايدة، وعلى رأسها التصحر وتدهور الأراضي، اللذان يهددان سبل العيش والأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في العديد من المناطق حول العالم. وفي هذا السياق، تبرز أهمية الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة هذه الظاهرة، وتعزيز التعاون بين الدول لتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة. ومن هذا المنطلق، تستعد مدينة الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، لاستضافة الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)، وهو حدث عالمي مهم يجمع قادة العالم والخبراء والمنظمات المعنية لمناقشة سبل التصدي للتصحر وتدهور الأراضي، وتبادل الخبرات والمعرفة، واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الاتفاقية.

أهمية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر

تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD) الإطار القانوني الدولي الرئيسي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وهي واحدة من ثلاث اتفاقيات ريو، إلى جانب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية التنوع البيولوجي. تهدف الاتفاقية إلى تحقيق التنمية المستدامة في المناطق المتأثرة بالجفاف و/أو التصحر، وخاصة في أفريقيا، من خلال اتخاذ إجراءات فعالة على جميع المستويات، بدعم من التعاون الدولي والشراكة. تركز الاتفاقية على الوقاية من التصحر وتخفيف آثاره من خلال برامج وطنية وإقليمية ودولية متكاملة، وتعزيز التعاون العلمي والتقني، وتبادل المعلومات والخبرات، وتعبئة الموارد المالية.

تكمن أهمية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في كونها تعالج قضية عالمية تؤثر على حياة الملايين من الناس، وتهدد الأمن الغذائي والمائي والطاقة، وتساهم في تفاقم الفقر والهجرة والنزاعات. كما أن الاتفاقية تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ولا سيما الهدف 15 الذي يدعو إلى حماية النظم الإيكولوجية البرية واستعادتها وتعزيز استخدامها المستدام، ومكافحة التصحر ووقف تدهور الأراضي وعكس اتجاهه، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.

أهمية استضافة الرياض لمؤتمر كوب 16

تعتبر استضافة المملكة العربية السعودية لمؤتمر كوب 16 في الرياض فرصة مهمة لإبراز دور المملكة الريادي في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة، وجهودها المبذولة لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. كما أنها تعكس التزام المملكة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ودعم الجهود الدولية الرامية إلى بناء مستقبل أخضر ومزدهر للجميع.

تتمتع المملكة العربية السعودية بخبرة واسعة في مجال مكافحة التصحر وإدارة الموارد الطبيعية، حيث قامت بتنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات الناجحة في هذا المجال، مثل مشروع التشجير الوطني، وبرنامج إدارة المراعي، وبرنامج مكافحة زحف الرمال. كما أن المملكة تعتبر من الدول الرائدة في استخدام التقنيات الحديثة والمبتكرة في مجال الزراعة المستدامة وإدارة المياه، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة.

من المتوقع أن يساهم مؤتمر كوب 16 في الرياض في تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في مجال مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتبادل الخبرات والمعرفة، وتعبئة الموارد المالية، واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الاتفاقية. كما أنه سيوفر منصة للحوار والنقاش بين مختلف الأطراف المعنية، وتبادل الآراء ووجهات النظر، والتوصل إلى حلول مبتكرة وفعالة للتحديات التي تواجه العالم في هذا المجال.

الأهداف المتوقعة لمؤتمر كوب 16 في الرياض

يتوقع أن يحقق مؤتمر كوب 16 في الرياض العديد من الأهداف الهامة، ومن أبرزها:

• تعزيز الالتزام السياسي بمكافحة التصحر وتدهور الأراضي: من خلال تجديد التعهدات والالتزامات السياسية من قبل الدول الأطراف في الاتفاقية، وتأكيد أهمية قضية التصحر وتدهور الأراضي في جدول الأعمال العالمي للتنمية المستدامة.
• تعبئة الموارد المالية: من خلال حشد الموارد المالية اللازمة لتنفيذ برامج ومشاريع مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتشجيع الاستثمار في الزراعة المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية.
• تعزيز التعاون العلمي والتقني: من خلال تبادل المعرفة والخبرات والتقنيات المبتكرة في مجال مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتشجيع البحث والتطوير في هذا المجال.
• تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية: من خلال إشراك المجتمعات المحلية في تصميم وتنفيذ وتقييم برامج ومشاريع مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتمكينها من إدارة مواردها الطبيعية بشكل مستدام.
• رصد وتقييم التقدم المحرز: من خلال تطوير آليات فعالة لرصد وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاقية، وقياس أثر البرامج والمشاريع على الأرض.
• رفع الوعي بأهمية مكافحة التصحر: من خلال تنظيم حملات توعية وتثقيف للجمهور بأهمية مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتشجيع السلوكيات المستدامة التي تحافظ على البيئة والموارد الطبيعية.

المملكة العربية السعودية وجهودها في مكافحة التصحر

تولي المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بقضية التصحر وتدهور الأراضي، وتعتبرها من التحديات البيئية الرئيسية التي تواجهها. وقد قامت المملكة بتنفيذ العديد من البرامج والمشاريع الطموحة لمكافحة هذه الظاهرة، وحماية البيئة والموارد الطبيعية. ومن أبرز هذه الجهود:

• رؤية 2030: تضع رؤية المملكة 2030 حماية البيئة والتنمية المستدامة في صميم أولوياتها، وتدعو إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة والموارد الطبيعية.
• مبادرة السعودية الخضراء: أطلقت المملكة مبادرة السعودية الخضراء، وهي مبادرة طموحة تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وحماية التنوع البيولوجي.
• المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر: أنشأت المملكة المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وهو هيئة حكومية مسؤولة عن تنفيذ السياسات والبرامج الوطنية لمكافحة التصحر وتنمية الغطاء النباتي.
• برامج التشجير وإدارة المراعي: تقوم المملكة بتنفيذ برامج تشجير واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، وإدارة المراعي بشكل مستدام، بهدف استعادة الغطاء النباتي وحماية التربة من التعرية.
• استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة: تعمل المملكة على تطوير واستخدام التقنيات الحديثة والمبتكرة في مجال الزراعة المستدامة وإدارة المياه، مثل الزراعة المائية والري بالتنقيط والاستشعار عن بعد.
• التعاون الدولي والإقليمي: تشارك المملكة بفاعلية في الجهود الدولية والإقليمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتقدم الدعم المالي والفني للدول المتأثرة بهذه الظاهرة.

رسالة إلى العالم

إن استضافة الرياض لمؤتمر كوب 16 هي رسالة واضحة إلى العالم بأن المملكة العربية السعودية ملتزمة بتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة، وأنها على استعداد للعمل مع جميع الدول والمنظمات المعنية لمواجهة التحديات البيئية العالمية، وعلى رأسها التصحر وتدهور الأراضي. ندعو جميع الأطراف المعنية إلى المشاركة الفعالة في مؤتمر كوب 16، والعمل معاً من أجل بناء مستقبل أخضر ومزدهر للجميع.

رابط الفيديو: الرياض تحتضن اجتماع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر كوب 16