مراسل العربي أحمد دراوشة نتنياهو وغانتس يتفقان على رفض قيام دولة فلسطينية أحادية الجانب
مقال حول فيديو يوتيوب: نتنياهو وغانتس يتفقان على رفض قيام دولة فلسطينية أحادية الجانب
الرابط للفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=dG5QWV72D3s
يتناول فيديو اليوتيوب الذي أعده مراسل قناة العربي، أحمد دراوشة، موضوعاً بالغ الأهمية والحساسية في صميم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ألا وهو قضية الدولة الفلسطينية المستقلة. الفيديو يسلط الضوء على اتفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس على رفض قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، أي دون اتفاق مع إسرائيل. هذا الرفض المتفق عليه بين شخصيتين مركزيتين في المشهد السياسي الإسرائيلي، والذي يمثلان طيفاً واسعاً من الآراء داخل المجتمع الإسرائيلي، يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل عملية السلام، وإمكانية حل الدولتين، ومآلات الصراع المستمر منذ عقود.
خلفية القضية: حل الدولتين والاعتراف الأحادي
لطالما كان حل الدولتين، أي قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن، هو الحل الأكثر تداولاً والأكثر دعماً من المجتمع الدولي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد تضمن هذا الحل العديد من المبادرات والخطط، بما في ذلك مبادرة السلام العربية التي تبنتها الجامعة العربية في عام 2002، والتي عرضت تطبيعاً كاملاً للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها في عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
إلا أن عملية السلام تعثرت مراراً وتكراراً، بسبب استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الجانبين للتوصل إلى اتفاق شامل ونهائي. في ظل هذا الانسداد السياسي، برزت فكرة الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، أي قيام السلطة الفلسطينية بإعلان الدولة من جانب واحد، دون الحاجة إلى موافقة إسرائيلية أو مفاوضات معها. وقد لقي هذا الخيار دعماً من بعض الدول والمنظمات الدولية، التي رأت فيه وسيلة لكسر الجمود السياسي، والضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات، وإعطاء الشعب الفلسطيني الأمل في تحقيق دولته المستقلة.
موقف نتنياهو وغانتس: رفض قاطع للاعتراف الأحادي
الفيديو الذي أعده أحمد دراوشة يوضح بجلاء أن نتنياهو وغانتس، وهما شخصيتان لهما وزن كبير في السياسة الإسرائيلية، يرفضان بشكل قاطع الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية. يستند هذا الرفض إلى عدة أسباب، منها:
- الاعتبار الأمني: ترى إسرائيل أن قيام دولة فلسطينية من جانب واحد قد يشكل تهديداً أمنياً لها، خاصة إذا كانت هذه الدولة ضعيفة وغير قادرة على السيطرة على أراضيها ومنع الجماعات المسلحة من استخدامها لشن هجمات ضد إسرائيل.
- الاعتبار السياسي: تعتبر إسرائيل أن الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية هو التفاف على المفاوضات المباشرة بين الجانبين، وأن الحل يجب أن يتم التوصل إليه من خلال التفاوض والتوافق، وليس من خلال الإملاءات الخارجية.
- الاعتبار القانوني: تشكك إسرائيل في قانونية الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، وترى أنه يتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تنص على أن الحل يجب أن يتم التوصل إليه من خلال المفاوضات.
من المهم الإشارة إلى أن موقف نتنياهو وغانتس ليس مفاجئاً، فهو يعكس موقفاً عاماً داخل اليمين الإسرائيلي، الذي يعارض قيام دولة فلسطينية مستقلة في أي حال من الأحوال، ويدعو إلى ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية إلى إسرائيل. حتى غانتس، الذي يعتبر أكثر اعتدالاً من نتنياهو، يرى أن أي حل للصراع يجب أن يضمن الأمن الإسرائيلي، وأن أي دولة فلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح وغير قادرة على تهديد إسرائيل.
تداعيات الرفض الإسرائيلي: مستقبل عملية السلام
الرفض الإسرائيلي المتفق عليه للاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية يضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل عملية السلام. فهو يعني أن إسرائيل ليست مستعدة لقبول أي حل لا يتم التوصل إليه من خلال المفاوضات، وأنها لن تسمح بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة دون موافقتها. وهذا يضعف بشكل كبير الآمال في حل الدولتين، ويزيد من احتمالات استمرار الوضع الراهن، الذي يتميز بالاحتلال والاستيطان والعنف.
قد يدفع هذا الرفض الفلسطينيين إلى البحث عن خيارات أخرى، مثل الانضمام إلى المزيد من المنظمات الدولية، ورفع الدعاوى القضائية ضد إسرائيل أمام المحاكم الدولية، ومواصلة المقاومة الشعبية للاحتلال. كما قد يدفع بعض الدول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد، كرد فعل على التعنت الإسرائيلي.
الرأي العام والموقف الدولي
من المهم الإشارة إلى أن الرأي العام الإسرائيلي منقسم حول قضية الدولة الفلسطينية. هناك شريحة واسعة من الإسرائيليين تدعم حل الدولتين، وترى فيه الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع. إلا أن هناك أيضاً شريحة كبيرة تعارض هذا الحل، وتدعو إلى ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، أو إلى حلول أخرى لا تتضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة.
أما على المستوى الدولي، فإن هناك دعماً واسعاً لحل الدولتين، إلا أن هذا الدعم لم يترجم بعد إلى ضغط فعال على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات. الولايات المتحدة، التي تعتبر الحليف الأقوى لإسرائيل، لم تتخذ موقفاً حاسماً من قضية الدولة الفلسطينية، وتفضل التركيز على الحفاظ على الوضع الراهن وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تصعيد التوتر.
الخلاصة: طريق مسدود أم نافذة أمل؟
فيديو أحمد دراوشة يسلط الضوء على واقع مرير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو أن الطرفين ما زالا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق سلام شامل ونهائي. الرفض الإسرائيلي المتفق عليه للاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية يعكس عمق الهوة بين الجانبين، ويضعف الآمال في حل الدولتين. إلا أن هذا لا يعني أن الحل مستحيل. فالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس قدراً محتوماً، ويمكن التوصل إلى حل عادل وشامل إذا توفرت الإرادة السياسية لدى الطرفين، وإذا تدخل المجتمع الدولي بشكل فعال للضغط على إسرائيل للعودة إلى طاولة المفاوضات. يبقى السؤال: هل سيكون هناك من يجرؤ على كسر الجمود الحالي، وفتح نافذة أمل جديدة في هذا الصراع المزمن؟
إن استمرار الوضع الراهن ينذر بالمزيد من العنف والمعاناة لكلا الشعبين. فلا يمكن لإسرائيل أن تعيش في سلام وأمن طالما أنها تحتل الأراضي الفلسطينية، ولا يمكن للفلسطينيين أن يعيشوا بكرامة وحرية طالما أنهم يخضعون للاحتلال. الحاجة إلى حل عادل وشامل أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في هذا الصدد.
مقالات مرتبطة