تونس مظاهرة بمحيط السفارة الأميركية للمطالبة بوقف الحرب على غزة في ذكرى اغتيال محمد الزواري
تونس: مظاهرة بمحيط السفارة الأميركية للمطالبة بوقف الحرب على غزة في ذكرى اغتيال محمد الزواري
شهدت تونس العاصمة يومًا حافلًا بالفعاليات والتظاهرات، كان أبرزها تجمع حاشد أمام مقر السفارة الأمريكية، تزامنًا مع الذكرى السنوية لاغتيال المهندس التونسي محمد الزواري. المظاهرة، التي وثقها فيديو منشور على يوتيوب تحت عنوان تونس مظاهرة بمحيط السفارة الأميركية للمطالبة بوقف الحرب على غزة في ذكرى اغتيال محمد الزواري (الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=keOa7L17Qgk)، عكست تضافرًا بين قضيتين مركزيتين في الوجدان الشعبي التونسي: التضامن مع القضية الفلسطينية، واستذكار شخصية وطنية لعبت دورًا بارزًا في دعم المقاومة.
الفيديو، الذي يمتد لعدة دقائق، يقدم لمحة عن حجم التجمع، والشعارات المرفوعة، والأجواء العامة التي سيطرت على المكان. يظهر فيه حشود من المتظاهرين يحملون الأعلام الفلسطينية والتونسية، وصورًا للشهيد محمد الزواري، ويافطات تدين العدوان الإسرائيلي على غزة، وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار الظالم عن القطاع. كما يظهر الفيديو هتافات منددة بالسياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل، ومطالبة الإدارة الأمريكية بالضغط على تل أبيب لوقف جرائمها ضد الإنسانية في فلسطين.
إن اختيار محيط السفارة الأمريكية كمكان للتظاهر يحمل دلالات رمزية عميقة. فالسفارة الأمريكية، في نظر الكثيرين، تمثل القوة الداعمة الرئيسية لإسرائيل، والتي تمكنها من الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية، وارتكاب الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإن التظاهر أمام السفارة هو تعبير عن رفض السياسة الأمريكية، وتحميلها مسؤولية ما يحدث في غزة من مآسٍ إنسانية.
أما التزامن مع ذكرى اغتيال محمد الزواري، فيضيف بعدًا آخر للمظاهرة. فالزواري، الذي اغتيل في صفاقس عام 2016، كان مهندسًا طيرانًا تونسيًا، انضم إلى صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس، وساهم في تطوير برنامجها للطائرات بدون طيار. يعتبر الزواري رمزًا للتضحية من أجل القضية الفلسطينية، ونموذجًا للشاب العربي الذي يسخر علمه ومهاراته لخدمة وطنه وأمته. وبالتالي، فإن إحياء ذكراه في هذا اليوم، وربطه بالتضامن مع غزة، هو تأكيد على استمرار الدعم التونسي للقضية الفلسطينية، والتزام الشباب التونسي بالسير على درب الزواري في مقاومة الظلم والاحتلال.
لا يمكن فهم هذه المظاهرة بمعزل عن السياق السياسي والاجتماعي في تونس. فمنذ اندلاع ثورات الربيع العربي، شهدت تونس حراكًا شعبيًا واسعًا، تميز بالانفتاح السياسي، وحرية التعبير، والمشاركة المدنية. وقد ساهم هذا الحراك في تنامي الوعي بالقضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما ساهم في تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا الأمة، وتشجيع المبادرات الشعبية لدعم الشعوب المظلومة.
كما أن الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي اندلعت في أعقاب عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، قد أثارت موجة غضب واستنكار واسعة في تونس، كما هو الحال في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي. وقد شهدت تونس العديد من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي، وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني. كما انطلقت حملات شعبية لجمع التبرعات، وتقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة.
إن هذه المظاهرة أمام السفارة الأمريكية، والتي تم توثيقها في الفيديو المذكور، هي تعبير عن هذا الغضب الشعبي المتزايد، وعن الإصرار على مواصلة الضغط على المجتمع الدولي، لوقف العدوان الإسرائيلي، وإنصاف الشعب الفلسطيني. كما أنها تعكس وعيًا متزايدًا بالدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في دعم إسرائيل، وتمكينها من الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية، وارتكاب الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار هذه المظاهرة بمثابة رسالة إلى الحكومة التونسية، للمطالبة باتخاذ مواقف أكثر حزمًا تجاه القضية الفلسطينية، وقطع العلاقات مع إسرائيل، ودعم المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة. كما أنها دعوة إلى الوحدة والتضامن بين الشعوب العربية والإسلامية، لمواجهة التحديات المشتركة، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ختامًا، فإن الفيديو المنشور على يوتيوب، والذي يوثق هذه المظاهرة، يمثل وثيقة هامة تسجل لحظة فارقة في تاريخ التضامن التونسي مع القضية الفلسطينية. إنه شاهد على حجم الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية في تونس، وعلى الإصرار على مواصلة النضال حتى تحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني. كما أنه تذكير بالدور الذي يلعبه الشباب التونسي في دعم قضايا الأمة، وفي الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب المظلومة. إن هذه المظاهرة، بكل ما حملته من معاني ودلالات، تؤكد أن القضية الفلسطينية ستظل حاضرة في الوجدان الشعبي التونسي، وأن الدعم التونسي للشعب الفلسطيني لن يتوقف حتى يتحقق حلمه في الحرية والاستقلال.
مقالات مرتبطة