مدير المستشفيات بغزة مخزون الوقود الموجود لدينا لا يكفي لأكثر من أسبوعين

تحليل وتداعيات تصريح مدير مستشفيات غزة حول نقص الوقود: خطر محدق يهدد القطاع الصحي

تتزايد المخاوف والقلق في قطاع غزة المحاصر، لا سيما مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتدهور الأوضاع المعيشية. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يبرز تصريح مدير المستشفيات في غزة، كما ورد في الفيديو المنشور على يوتيوب بعنوان مدير المستشفيات بغزة مخزون الوقود الموجود لدينا لا يكفي لأكثر من أسبوعين، بمثابة ناقوس خطر ينذر بكارثة إنسانية وشيكة. يلقي هذا التصريح الضوء على النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات والمرافق الصحية، ويحذر من العواقب الوخيمة التي ستترتب على توقف هذه المرافق الحيوية عن العمل.

الوقود شريان الحياة للمستشفيات:

لا يمكن المبالغة في أهمية الوقود بالنسبة للمستشفيات والمراكز الصحية في أي مكان في العالم، وخاصة في قطاع غزة الذي يعاني من ظروف استثنائية. فالوقود ليس مجرد سلعة، بل هو شريان الحياة الذي يضمن استمرار عمل المولدات الكهربائية التي تزود المستشفيات بالطاقة اللازمة لتشغيل الأجهزة الطبية الحيوية، مثل أجهزة التنفس الاصطناعي، وأجهزة مراقبة القلب، ووحدات العناية المركزة، وأجهزة غسيل الكلى، وغرف العمليات، والمختبرات. كما يعتمد عمل ثلاجات حفظ الأدوية واللقاحات والمشتقات الطبية الأخرى على الطاقة الكهربائية التي توفرها المولدات التي تعمل بالوقود. بالإضافة إلى ذلك، يستخدم الوقود في تشغيل سيارات الإسعاف لنقل المرضى والجرحى إلى المستشفيات وتوفير الرعاية الطبية الطارئة.

أسباب نقص الوقود في غزة:

يعزى النقص الحاد في الوقود في قطاع غزة إلى عدة عوامل متراكمة، في مقدمتها الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات طويلة. هذا الحصار يحد بشكل كبير من حركة الأفراد والبضائع، بما في ذلك الوقود، ويؤدي إلى ارتفاع أسعاره وتذبذب توفره. كما أن إغلاق معبر كرم أبو سالم، المعبر التجاري الرئيسي إلى غزة، بشكل متكرر بسبب التوترات الأمنية والسياسية يزيد من تفاقم الأزمة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني قطاع غزة من أزمة كهرباء مزمنة، حيث تعتمد المستشفيات بشكل كبير على المولدات الاحتياطية التي تعمل بالوقود لتعويض النقص في التيار الكهربائي من المصادر الأخرى. هذا الاعتماد المتزايد على المولدات الاحتياطية يزيد من استهلاك الوقود ويؤدي إلى استنزاف المخزون المحدود المتاح.

تداعيات نقص الوقود على القطاع الصحي:

إن توقف المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل بسبب نقص الوقود سيؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة وسلامة السكان في قطاع غزة. من بين هذه التداعيات:

• توقف العمليات الجراحية: سيؤدي نقص الوقود إلى توقف العمليات الجراحية المجدولة والطّارئة، مما يعرض حياة المرضى الذين يحتاجون إلى تدخل جراحي فوري للخطر.
• تعطيل وحدات العناية المركزة: ستتوقف وحدات العناية المركزة عن العمل، مما يعرض حياة المرضى الذين يعانون من حالات حرجة والذين يحتاجون إلى مراقبة دقيقة وأجهزة تنفس اصطناعي للخطر الشديد.
• توقف أجهزة غسيل الكلى: سيتوقف عمل أجهزة غسيل الكلى، مما يعرض حياة مرضى الفشل الكلوي للخطر المميت، حيث أنهم يحتاجون إلى غسيل الكلى بشكل منتظم للبقاء على قيد الحياة.
• تلف الأدوية واللقاحات: ستتلف الأدوية واللقاحات التي تحتاج إلى تبريد مستمر، مما سيؤثر على قدرة المستشفيات على تقديم العلاج المناسب للمرضى وعلى تنفيذ برامج التطعيم الضرورية.
• تعطيل خدمات الطوارئ: سيؤدي نقص الوقود إلى تعطيل خدمات الطوارئ، مما سيؤثر على قدرة سيارات الإسعاف على نقل المرضى والجرحى إلى المستشفيات في الوقت المناسب.
• انتشار الأمراض: قد يؤدي توقف عمل المستشفيات إلى انتشار الأمراض المعدية، نتيجة لتدهور الظروف الصحية والنظافة العامة.

مناشدات وتحذيرات:

في ضوء هذه المخاطر المحدقة، يوجه مدير المستشفيات في غزة، كما يظهر في الفيديو، نداءات استغاثة عاجلة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدة الفورية وتوفير الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية. كما يحذر من أن الوضع الحالي لا يحتمل المزيد من التأخير، وأن أي تقاعس عن العمل سيؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن تصورها. هذه المناشدات والتحذيرات تعكس مدى خطورة الوضع ومدى الحاجة الملحة إلى التحرك العاجل لإنقاذ حياة المرضى والجرحى في قطاع غزة.

مسؤولية المجتمع الدولي:

إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه سكان قطاع غزة، الذين يعانون من ظروف معيشية قاسية بسبب الحصار والنزاعات المتكررة. يجب على المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة والسماح بدخول الوقود والمساعدات الإنسانية بشكل كاف ومنتظم. كما يجب على الدول المانحة والمنظمات الإنسانية تقديم الدعم المالي والفني اللازم للمستشفيات والمراكز الصحية في قطاع غزة لتمكينها من الاستمرار في تقديم الخدمات الصحية الأساسية للسكان.

الحلول المستدامة:

على المدى الطويل، يجب العمل على إيجاد حلول مستدامة لأزمة الطاقة في قطاع غزة. يمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما يجب دعم جهود بناء محطة كهرباء جديدة في قطاع غزة لزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة وتقليل الاعتماد على المولدات الاحتياطية. بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل على تحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في قطاع غزة لضمان توفير المياه النظيفة والحد من انتشار الأمراض.

خلاصة:

إن تصريح مدير المستشفيات في غزة حول نقص الوقود يمثل تحذيراً صارخاً من كارثة إنسانية وشيكة. يجب على المجتمع الدولي التحرك العاجل لإنقاذ حياة المرضى والجرحى في قطاع غزة وتوفير الوقود والمساعدات الإنسانية اللازمة. كما يجب العمل على إيجاد حلول مستدامة لأزمة الطاقة في قطاع غزة لضمان توفير الخدمات الصحية الأساسية للسكان على المدى الطويل. إن إنقاذ قطاع غزة من الكارثة الإنسانية هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع.