Now

أوروبا تبني قلعة مسيّرات في وجه روسيا وتتعثر في إنتاج السلاح

أوروبا تبني قلعة مسيّرات في وجه روسيا وتتعثر في إنتاج السلاح

يمثل الصراع الأوكراني الروسي نقطة تحول حاسمة في تاريخ أوروبا الحديث. فبالإضافة إلى التداعيات الإنسانية والاقتصادية المباشرة، كشف هذا الصراع عن نقاط ضعف هيكلية في القدرات الدفاعية الأوروبية، وأجبر القادة الأوروبيين على إعادة تقييم استراتيجياتهم الأمنية، وتسريع وتيرة الاستثمار في التقنيات العسكرية الحديثة. يركز هذا المقال، مستلهماً من التحليل المقدم في فيديو اليوتيوب المشار إليه، على التوجه الأوروبي المتزايد نحو الاعتماد على الطائرات المسيّرة (الدرون) في مواجهة روسيا، مع إبراز التحديات الكبيرة التي تواجه القارة في زيادة إنتاجها من الأسلحة التقليدية.

الدرون: سلاح المستقبل الأوروبي؟

أظهرت الحرب في أوكرانيا بشكل قاطع الأهمية المتزايدة للطائرات المسيّرة في الحروب الحديثة. فمن عمليات الاستطلاع والمراقبة إلى توجيه المدفعية وتنفيذ الضربات الدقيقة، أثبتت الدرون فعاليتها في تغيير موازين القوى على أرض المعركة. وقد دفع هذا النجاح دولاً أوروبية عديدة إلى تبني استراتيجية تركز على تطوير وإنتاج ونشر أعداد كبيرة من الدرون، بهدف بناء ما يمكن وصفه بـ قلعة مسيّرات قادرة على ردع أي عدوان محتمل من روسيا.

هناك عدة أسباب تدفع أوروبا نحو هذا التوجه. أولاً، تعتبر الدرون سلاحاً نسبياً رخيصاً مقارنة بالأنظمة العسكرية التقليدية مثل الدبابات والطائرات المقاتلة. وهذا يتيح للدول الأوروبية، التي تعاني من قيود في الميزانيات الدفاعية، الحصول على قدرات عسكرية كبيرة بتكلفة أقل. ثانياً، تتميز الدرون بمرونة عالية وقدرة على التكيف مع مختلف الظروف والتضاريس. يمكن استخدامها في البيئات الحضرية والريفية على حد سواء، وفي مختلف الأحوال الجوية. ثالثاً، يمكن تطوير الدرون وتحديثها باستمرار، مما يجعلها سلاحاً عصرياً قادراً على مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة.

ومع ذلك، فإن بناء قلعة مسيّرات ليس مهمة سهلة. يتطلب الأمر استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، وتطوير صناعات محلية قادرة على إنتاج الدرون بكميات كبيرة، وتدريب الكوادر الفنية اللازمة لتشغيل وصيانة هذه الأنظمة. كما يتطلب الأمر وضع استراتيجيات فعالة لمواجهة التحديات الأمنية التي تطرحها الدرون، مثل خطر القرصنة الإلكترونية والهجمات السيبرانية.

معضلة الإنتاج: لماذا تتعثر أوروبا في إنتاج السلاح؟

في المقابل، تكشف الحرب في أوكرانيا عن صعوبات جمة تواجهها أوروبا في زيادة إنتاجها من الأسلحة التقليدية. فبعد عقود من خفض الإنفاق العسكري وتقليص الصناعات الدفاعية، تجد أوروبا نفسها غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الأسلحة والذخائر، سواء من أوكرانيا أو من جيوشها الوطنية.

هناك عدة عوامل تساهم في هذا التعثر. أولاً، تعاني الصناعات الدفاعية الأوروبية من نقص في الاستثمارات والتمويل. فبعد نهاية الحرب الباردة، ركزت الحكومات الأوروبية على الأولويات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، وخفضت بشكل كبير الإنفاق العسكري. وقد أدى ذلك إلى إغلاق العديد من المصانع الدفاعية، وفقدان الخبرات والمهارات، وتراجع القدرة الإنتاجية.

ثانياً، تعاني الصناعات الدفاعية الأوروبية من مشكلات في سلاسل التوريد. فالعديد من الشركات تعتمد على مكونات ومواد خام من دول أخرى، مما يجعلها عرضة للاضطرابات والتأخير. وقد تفاقمت هذه المشكلات بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية وزيادة أسعار المواد الخام.

ثالثاً، تعاني الصناعات الدفاعية الأوروبية من مشكلات في التنسيق والتعاون بين الدول. فالعديد من الدول الأوروبية لديها صناعات دفاعية خاصة بها، وغالباً ما تتنافس فيما بينها على العقود والأسواق. وهذا يؤدي إلى تكرار الجهود وإهدار الموارد، ويقلل من القدرة على تحقيق وفورات الحجم وزيادة الكفاءة.

رابعاً، تواجه الصناعات الدفاعية الأوروبية تحديات تنظيمية وتشريعية. فالعديد من الدول الأوروبية لديها قوانين وأنظمة صارمة تحكم إنتاج وتصدير الأسلحة، مما يعيق نمو الصناعة ويقلل من قدرتها على المنافسة. كما أن هناك ضغوطاً سياسية واجتماعية للحد من إنتاج الأسلحة وتصديرها، بسبب المخاوف بشأن حقوق الإنسان والسلام العالمي.

مستقبل الدفاع الأوروبي: توازن بين الدرون والسلاح التقليدي

لا شك أن أوروبا تواجه تحديات كبيرة في بناء قدرات دفاعية قوية ومستدامة. فمن ناحية، تسعى القارة إلى الاستفادة من التقنيات العسكرية الحديثة مثل الدرون، لتعزيز قدراتها الردعية ومواجهة التهديدات المتزايدة. ومن ناحية أخرى، تواجه أوروبا صعوبات في زيادة إنتاجها من الأسلحة التقليدية، بسبب نقص الاستثمارات والمشكلات في سلاسل التوريد والتنسيق.

للتغلب على هذه التحديات، تحتاج أوروبا إلى تبني استراتيجية دفاعية شاملة ومتكاملة، تجمع بين الاستثمار في التقنيات الحديثة وتحديث الصناعات الدفاعية التقليدية. يجب على الدول الأوروبية زيادة الإنفاق العسكري، وتوجيه الاستثمارات نحو البحث والتطوير في مجال الدرون والتقنيات العسكرية الأخرى. كما يجب عليها تبسيط الإجراءات التنظيمية والتشريعية، وتسهيل التعاون والتنسيق بين الصناعات الدفاعية الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على أوروبا تعزيز التعاون الدفاعي مع حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة. يمكن للتعاون مع الولايات المتحدة أن يساعد أوروبا في الحصول على التكنولوجيا والخبرات اللازمة، وزيادة قدرتها على إنتاج الأسلحة بكميات كبيرة. كما يمكن للتعاون مع الولايات المتحدة أن يرسل رسالة قوية إلى روسيا، مفادها أن أوروبا ليست وحدها في مواجهة التهديدات الأمنية.

في الختام، يمكن القول إن أوروبا تسعى إلى بناء قلعة مسيّرات في وجه روسيا، ولكنها تواجه تحديات كبيرة في تحقيق هذا الهدف. يجب على الدول الأوروبية أن تدرك أن بناء قدرات دفاعية قوية ومستدامة يتطلب استثمارات كبيرة وتعاوناً وثيقاً، وأن التوازن بين الاستثمار في التقنيات الحديثة وتحديث الصناعات الدفاعية التقليدية هو مفتاح النجاح.

مقالات مرتبطة

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

Youtube

مدة القراءة

  • متابعة الخبر

  • القراءة لاحقاً

  • متابعة الصفحي

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا