محمد الأخرس لا توجد حتى الآن أي مؤشرات حقيقية على وجود مرونة إسرائيلية في المفاوضات
محمد الأخرس: لا توجد حتى الآن أي مؤشرات حقيقية على وجود مرونة إسرائيلية في المفاوضات
في ظل التوترات المتصاعدة والجمود الذي يخيم على عملية السلام في الشرق الأوسط، يطل علينا المحلل السياسي محمد الأخرس بتصريح حاسم يضع الأمور في نصابها، مؤكدًا أنه لا توجد حتى الآن أي مؤشرات حقيقية على وجود مرونة إسرائيلية في المفاوضات. هذا التصريح، الذي ورد في فيديو منشور على يوتيوب، يمثل تحليلًا نقديًا للوضع الراهن، ويستند إلى معطيات واقعية وتاريخية، ويدعو إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات المتبعة في التعامل مع القضية الفلسطينية.
تصريح الأخرس ليس مجرد رأي شخصي، بل هو خلاصة قراءة متأنية للمشهد السياسي، وتتبع دقيق للمواقف الإسرائيلية المعلنة والمبطنة. فعلى الرغم من الخطابات الرنانة التي تتحدث عن السلام والتعايش، فإن الواقع على الأرض يشير إلى استمرار السياسات الإسرائيلية التي تعيق أي تقدم حقيقي نحو حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. هذه السياسات تتجسد في استمرار الاستيطان، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، والحصار المفروض على قطاع غزة، والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وغيرها من الممارسات التي تنتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
إن غياب المرونة الإسرائيلية في المفاوضات ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكم تاريخي لمواقف وسياسات إسرائيلية متعنتة، تهدف إلى فرض الأمر الواقع وتكريس الاحتلال. فمنذ بداية عملية السلام في أوسلو، لم تبد إسرائيل أي استعداد حقيقي لتقديم تنازلات جوهرية، بل سعت دائمًا إلى فرض شروطها الخاصة، التي لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية العادلة والمشروعة. وقد تجلى ذلك في رفضها الاعتراف بحق عودة اللاجئين، ورفضها الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، وإصرارها على ضم القدس الشرقية، وغيرها من القضايا الأساسية التي تمثل جوهر الصراع.
إن أحد أبرز مظاهر غياب المرونة الإسرائيلية هو استمرار الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية. فبدلًا من تجميد الاستيطان، كما تطالب بذلك القرارات الدولية، تواصل إسرائيل بناء المستوطنات وتوسيعها، مما يقوض فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويحول دون تحقيق السلام العادل والشامل. إن الاستيطان ليس مجرد بناء وحدات سكنية، بل هو مشروع استعماري يهدف إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للأراضي المحتلة، وتهويدها، وطرد الفلسطينيين منها.
كما أن الحصار المفروض على قطاع غزة يمثل دليلًا قاطعًا على غياب المرونة الإسرائيلية. فمنذ عام 2007، تفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة، يمنع دخول المواد الأساسية والأدوية والمعدات الطبية، ويحرم سكان القطاع من أبسط حقوقهم الإنسانية. وقد تسبب هذا الحصار في تدهور الأوضاع المعيشية في غزة، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانتشار الأمراض والأوبئة. إن استمرار الحصار على غزة يمثل عقابًا جماعيًا لسكان القطاع، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
إن غياب المرونة الإسرائيلية في المفاوضات لا يقتصر على القضايا السياسية والأمنية، بل يمتد أيضًا إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية. فإسرائيل ترفض السماح للفلسطينيين بتطوير اقتصادهم الوطني، وتعرقل حركة البضائع والأفراد، وتفرض قيودًا على الاستثمار الأجنبي. كما أنها تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى مواردهم الطبيعية، مثل المياه والأراضي الزراعية، وتستغل هذه الموارد لصالحها. إن هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، وإبقاء الفلسطينيين تحت السيطرة الإسرائيلية.
إن تصريح محمد الأخرس يدعو إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات المتبعة في التعامل مع القضية الفلسطينية. فبعد سنوات من المفاوضات العقيمة، بات من الواضح أن الاعتماد على المفاوضات الثنائية مع إسرائيل لن يؤدي إلى تحقيق السلام العادل والشامل. ولذلك، يجب على الفلسطينيين والمجتمع الدولي البحث عن بدائل أخرى، مثل اللجوء إلى المحاكم الدولية، وتفعيل آليات المساءلة القانونية، وفرض العقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي.
كما يجب على المجتمع الدولي أن يمارس المزيد من الضغوط على إسرائيل، لإجبارها على الانصياع للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. فبدلًا من الاكتفاء بإصدار البيانات والإدانات، يجب على الدول الكبرى أن تتخذ إجراءات ملموسة، مثل تجميد العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل، وتعليق المساعدات الاقتصادية والعسكرية، ومنع دخول المستوطنين إلى أراضيها. إن هذه الإجراءات قد تجبر إسرائيل على تغيير سياساتها، والجلوس إلى طاولة المفاوضات بنية حسنة.
إن تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط يتطلب تغييرًا جذريًا في المواقف والسياسات الإسرائيلية. فبدلًا من التمسك بالاحتلال والتوسع الاستيطاني، يجب على إسرائيل أن تعترف بحقوق الفلسطينيين، وأن تسمح لهم بإقامة دولتهم المستقلة على أراضيهم المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. كما يجب عليها أن تحترم قرارات الأمم المتحدة، وأن تلتزم بالقانون الدولي، وأن تتوقف عن جميع الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان الفلسطيني.
إن تصريح محمد الأخرس يمثل صرخة تحذير، ودعوة إلى العمل الجاد والمخلص من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط. فبعد سنوات من اليأس والإحباط، يجب على الفلسطينيين والمجتمع الدولي أن يستعيدوا الأمل، وأن يبذلوا قصارى جهدهم من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن.
ختامًا، يبقى الأمل معقودًا على أن يفيق المجتمع الدولي، وأن يتحمل مسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية، وأن يمارس الضغط اللازم على إسرائيل لإجبارها على الانصياع للقانون الدولي، والجلوس إلى طاولة المفاوضات بنية صادقة، من أجل تحقيق السلام العادل والشامل الذي طال انتظاره.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة