المندوبة الأميركية بمجلس الأمن الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل في دفاعها عن نفسها
المندوبة الأميركية بمجلس الأمن: الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل في دفاعها عن نفسها - تحليل وتداعيات
يمثل تصريح المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن، كما هو موثق في الفيديو المنشور على يوتيوب (https://www.youtube.com/watch?v=wxQDVjL9lWQ)، والذي أكدت فيه على استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في دفاعها عن نفسها، موقفاً متوقعاً ولكنه يظل محوراً للجدل ومثيراً للتساؤلات حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ودور المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، في حل هذا الصراع. هذا المقال يسعى إلى تحليل هذا التصريح، واستكشاف خلفياته السياسية والدبلوماسية، وتحديد تداعياته المحتملة على الأرض وفي المحافل الدولية.
خلفيات التصريح: علاقة استراتيجية متينة
يعكس التصريح، في جوهره، استمراراً لسياسة أمريكية ثابتة تجاه إسرائيل، مبنية على علاقة استراتيجية تاريخية تتجاوز مجرد المصالح السياسية والاقتصادية. هذه العلاقة، التي تعود جذورها إلى عقود مضت، تتضمن دعماً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياً قوياً لإسرائيل، مدفوعة بمجموعة من العوامل:
- المصالح الاستراتيجية: تعتبر الولايات المتحدة إسرائيل حليفاً استراتيجياً هاماً في منطقة الشرق الأوسط، منطقة مضطربة وغنية بالنفط، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على نفوذها ومصالحها. إسرائيل، بجيشها القوي وموقعها الجغرافي، تعتبر ركيزة أساسية في هذه الاستراتيجية.
 - الدعم الداخلي: تتمتع إسرائيل بدعم قوي داخل الولايات المتحدة، ليس فقط من اللوبي المؤيد لإسرائيل (AIPAC) وغيره من المنظمات، ولكن أيضاً من قطاعات واسعة من الرأي العام الأمريكي، وخاصة بين المسيحيين الإنجيليين الذين يرون في إسرائيل تحقيقاً لنبوءات الكتاب المقدس.
 - الالتزامات التاريخية: تعود الالتزامات الأمريكية تجاه إسرائيل إلى فترة ما قبل قيام الدولة، حيث لعبت الولايات المتحدة دوراً هاماً في دعم المشروع الصهيوني وفي الاعتراف بإسرائيل كدولة مستقلة.
 
بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من قرارات تعتبرها غير عادلة أو تهدد أمنها. هذا الدعم المطلق يعزز من شعور إسرائيل بالإفلات من العقاب ويشجعها على الاستمرار في سياساتها المثيرة للجدل، مثل الاستيطان والتوسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
تحليل التصريح: الدفاع عن النفس - مفهوم فضفاض
العبارة المحورية في التصريح، وهي دفاع إسرائيل عن نفسها، تحمل في طياتها إشكالية كبيرة. فمن وجهة النظر الفلسطينية والعربية، غالباً ما تستخدم إسرائيل هذا المبرر لتبرير أعمال تعتبرها هذه الأطراف عدوانية وانتهاكاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان. على سبيل المثال:
- العمليات العسكرية في غزة: تعتبر إسرائيل العمليات العسكرية المتكررة في قطاع غزة، والتي تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، جزءاً من حقها في الدفاع عن نفسها ضد الصواريخ التي تطلقها حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية. بينما يرى الفلسطينيون أن هذه العمليات هي عقاب جماعي وانتهاك صارخ لحقوقهم.
 - الاستيطان في الضفة الغربية: تعتبر إسرائيل المستوطنات في الضفة الغربية جزءاً من أراضيها، وتبرر التوسع الاستيطاني بحجج تاريخية وأمنية. بينما يعتبر المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، الاستيطان غير قانوني وانتهاكاً لاتفاقيات جنيف.
 - السيطرة على القدس الشرقية: تعتبر إسرائيل القدس الشرقية جزءاً من عاصمتها الموحدة، وتفرض سيطرتها الكاملة عليها. بينما يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية كعاصمة لدولتهم المستقبلية.
 
إن استخدام عبارة الدفاع عن النفس دون تحديد واضح لمعاييرها وحدودها يسمح لإسرائيل بتفسيرها على نطاق واسع واستخدامها لتبرير أي عمل تعتبره ضرورياً لحماية أمنها، حتى لو كان ذلك على حساب حقوق الفلسطينيين والقانون الدولي.
التداعيات المحتملة: تعقيد الصراع وتقويض فرص السلام
إن استمرار الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، كما يعكسه تصريح المندوبة الأمريكية، له تداعيات سلبية على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى فرص تحقيق السلام:
- تعزيز الشعور بالإفلات من العقاب: يشجع الدعم الأمريكي إسرائيل على الاستمرار في سياساتها المثيرة للجدل، مثل الاستيطان والتوسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، دون خوف من المساءلة الدولية.
 - تقويض فرص السلام: يجعل الدعم الأمريكي غير المشروط إسرائيل أقل استعداداً لتقديم تنازلات في المفاوضات مع الفلسطينيين، مما يجعل تحقيق اتفاق سلام عادل ودائم أمراً صعباً للغاية.
 - تفاقم العنف والتوترات: يؤدي استمرار الاحتلال والاستيطان والقمع إلى تفاقم اليأس والإحباط لدى الفلسطينيين، مما يزيد من احتمالات اندلاع موجات جديدة من العنف والتوترات.
 - إضعاف دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه: يفقد الدعم الأمريكي غير المشروط الولايات المتحدة مصداقيتها كوسيط نزيه في عملية السلام، ويجعلها غير قادرة على لعب دور فعال في حل الصراع.
 - تأجيج المشاعر المعادية لأمريكا: يثير الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل غضباً واستياءً واسع النطاق في العالم العربي والإسلامي، مما يؤدي إلى تأجيج المشاعر المعادية لأمريكا وتقويض مصالحها في المنطقة.
 
بدائل ممكنة: نحو سياسة أمريكية أكثر توازناً
لكي تلعب الولايات المتحدة دوراً فعالاً في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، يجب عليها أن تتبنى سياسة أكثر توازناً تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تتضمن ما يلي:
- الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال: يجب على الولايات المتحدة أن تمارس ضغوطاً حقيقية على إسرائيل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
 - الوقف الكامل للاستيطان: يجب على الولايات المتحدة أن تطالب إسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان في الضفة الغربية، وأن تعتبر المستوطنات غير قانونية وغير شرعية.
 - احترام حقوق الإنسان: يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل لاحترام حقوق الإنسان للفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في الحياة والحرية والأمن والمساواة.
 - دعم حل الدولتين: يجب على الولايات المتحدة أن تدعم حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، مع القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
 - التوسط بنزاهة: يجب على الولايات المتحدة أن تلعب دور الوسيط النزيه في عملية السلام، وأن تتعامل مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على قدم المساواة.
 
إن تبني سياسة أمريكية أكثر توازناً تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس فقط في مصلحة الفلسطينيين، بل هو أيضاً في مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأكمله. فالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط يخدم مصالح الجميع، ويساعد على مكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز التنمية والازدهار.
الخلاصة
إن تصريح المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن، والذي أكدت فيه على استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في دفاعها عن نفسها، يعكس استمراراً لسياسة أمريكية ثابتة تجاه إسرائيل، مبنية على علاقة استراتيجية تاريخية. ومع ذلك، فإن هذا الدعم غير المشروط له تداعيات سلبية على مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى فرص تحقيق السلام. ولكي تلعب الولايات المتحدة دوراً فعالاً في تحقيق السلام، يجب عليها أن تتبنى سياسة أكثر توازناً تجاه الصراع، تتضمن الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال واحترام حقوق الإنسان للفلسطينيين ودعم حل الدولتين والتوسط بنزاهة. إن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يخدم مصالح الجميع، ويتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية.
مقالات مرتبطة