رئيس جبهة الخلاص التونسية الشعب أدار ظهره للمرة الرابعة لمشروع قيس سعيد الذي يرسخ الحكم الفردي
تحليل فيديو: رئيس جبهة الخلاص التونسية - الشعب أدار ظهره للمرة الرابعة لمشروع قيس سعيد
يشكل الفيديو المنشور على اليوتيوب تحت عنوان رئيس جبهة الخلاص التونسية الشعب أدار ظهره للمرة الرابعة لمشروع قيس سعيد الذي يرسخ الحكم الفردي (رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=mPFPysHOQmI) جزءًا من النقاش الدائر حول الوضع السياسي في تونس في ظل حكم الرئيس قيس سعيد. يزعم الفيديو، ومن خلاله رئيس جبهة الخلاص التونسية، أن الشعب التونسي يرفض بشكل متزايد المشروع السياسي الذي يقوده الرئيس سعيد، والذي يعتبره البعض ترسيخًا للحكم الفردي وتقويضًا للديمقراطية الوليدة في البلاد. يستدعي هذا التحليل ضرورة فحص أبعاد هذا الادعاء، وتقييم مدى دقته، وتحليل السياقات السياسية والاجتماعية التي تحيط به.
جبهة الخلاص التونسية: تعريف وموقف
جبهة الخلاص الوطني هي ائتلاف سياسي تونسي معارض للرئيس قيس سعيد، يضم عدة أحزاب وشخصيات سياسية بارزة، من بينها حركة النهضة. تأسست الجبهة بهدف رئيسي هو معارضة الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021، والتي تضمنت تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، ثم حل البرلمان لاحقًا وإجراء استفتاء على دستور جديد. ترى الجبهة أن هذه الإجراءات تمثل انقلابًا على الدستور وتهديدًا للديمقراطية، وتدعو إلى العودة إلى الشرعية الدستورية وإجراء انتخابات مبكرة. لذلك، فإن تصريحات رئيس الجبهة في الفيديو يجب أن تؤخذ في سياق هذا الموقف المعارض، مع الأخذ في الاعتبار أن للجبهة مصلحة في تصوير الرئيس سعيد على أنه فاقد للشعبية والدعم الشعبي.
مشروع قيس سعيد: رؤية للحكم ومآخذ المعارضين
يرى الرئيس قيس سعيد أن الإجراءات التي اتخذها في 25 يوليو كانت ضرورية لإنقاذ الدولة التونسية من الفساد والفشل السياسي الذي عانت منه في السنوات التي أعقبت الثورة. يتبنى سعيد رؤية سياسية تقوم على الديمقراطية المباشرة، ويعتقد أن النظام البرلماني الذي كان سائدًا قبل 25 يوليو كان نظامًا فاشلًا أدى إلى تفشي الفساد وتعطيل مصالح الشعب. يعتبر سعيد أن الاستفتاء على الدستور الجديد كان استفتاءً شعبيًا يعكس إرادة الشعب في تغيير النظام السياسي، ويؤكد أن مشروعه يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتلبية مطالب الشعب التونسي.
في المقابل، يتهم المعارضون الرئيس سعيد بترسيخ الحكم الفردي وتقويض الديمقراطية. يرون أن الدستور الجديد يمنح الرئيس صلاحيات واسعة ويقلص من صلاحيات البرلمان والسلطة القضائية، مما يجعله حاكمًا مطلقًا. كما يتهمونه بقمع الحريات العامة وتقييد حرية التعبير والتجمع، ومحاكمة المعارضين السياسيين بتهم ملفقة. يعتبرون أن الاستفتاء على الدستور الجديد كان استفتاءً غير ديمقراطي، حيث لم يتم توفير الظروف المناسبة لإجراء حملة انتخابية حرة ونزيهة، كما أن نسبة المشاركة كانت منخفضة، مما يشكك في شرعية الدستور الجديد.
الشعب التونسي وموقف متأرجح
من الصعب تحديد موقف قاطع للشعب التونسي من مشروع الرئيس قيس سعيد. فمن ناحية، هناك شريحة واسعة من الشعب تؤيد الرئيس سعيد وتعتبره منقذًا للبلاد من الفساد والفشل السياسي. ترى هذه الشريحة أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس كانت ضرورية لإنقاذ الدولة، وأن مشروعه يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتلبية مطالب الشعب. قد يكون لهذه الشريحة أسبابها الخاصة لدعم الرئيس سعيد، مثل الشعور بالإحباط من الأحزاب السياسية التقليدية، أو الرغبة في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، أو الثقة في شخصية الرئيس وقدرته على قيادة البلاد.
من ناحية أخرى، هناك شريحة أخرى من الشعب تعارض الرئيس سعيد وتعتبره تهديدًا للديمقراطية. ترى هذه الشريحة أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس تمثل انقلابًا على الدستور، وأن مشروعه يهدف إلى ترسيخ الحكم الفردي وتقويض الحريات العامة. قد يكون لهذه الشريحة أسبابها الخاصة لمعارضة الرئيس سعيد، مثل الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان، أو الخوف من عودة الاستبداد، أو الشعور بأن الرئيس سعيد لا يمثل مصالحها.
بالإضافة إلى هاتين الشريحتين، هناك شريحة ثالثة من الشعب ربما تكون مترددة أو غير منحازة لأي طرف. قد تكون هذه الشريحة غير راضية عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، ولكنها في الوقت نفسه غير مقتنعة ببدائل الرئيس سعيد. قد تكون هذه الشريحة تنتظر لترى ما ستؤول إليه الأمور، وتقرر موقفها بناءً على النتائج الملموسة على أرض الواقع.
تحليل الادعاء: الشعب أدار ظهره
الادعاء بأن الشعب التونسي أدار ظهره لمشروع الرئيس قيس سعيد هو ادعاء يحتاج إلى تدقيق وتقييم. فمن ناحية، يمكن القول أن هناك مؤشرات تدل على تراجع شعبية الرئيس سعيد، مثل انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أجريت في ديسمبر 2022 ويناير 2023، والتي قاطعتها معظم الأحزاب السياسية المعارضة. كما أن هناك احتجاجات ومظاهرات متفرقة تندد بسياسات الرئيس وتطالب بالديمقراطية. هذه المؤشرات قد تدعم الادعاء بأن هناك تراجعًا في الدعم الشعبي للرئيس سعيد.
من ناحية أخرى، يجب الاعتراف بأن الرئيس سعيد لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة بين شريحة واسعة من الشعب. ففي الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2019، حصل سعيد على نسبة عالية من الأصوات، مما يدل على ثقة الشعب فيه. كما أن هناك استطلاعات رأي تشير إلى أن الرئيس سعيد لا يزال يتمتع بشعبية تفوق شعبية الأحزاب السياسية الأخرى. هذه المؤشرات قد تدحض الادعاء بأن الشعب التونسي أدار ظهره تمامًا للرئيس سعيد.
بالإضافة إلى ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن الوضع السياسي في تونس معقد ومتغير، وأن الرأي العام قد يتأرجح بين تأييد ومعارضة الرئيس سعيد. فالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية قد تؤثر على موقف الشعب من الرئيس سعيد، وقد تجعلهم يغيرون رأيهم بين الحين والآخر. لذلك، من الصعب إصدار حكم نهائي بشأن موقف الشعب التونسي من مشروع الرئيس سعيد.
الخلاصة
يمكن القول إن الفيديو المنشور على اليوتيوب يعكس وجهة نظر معارضة للرئيس قيس سعيد، ويزعم أن الشعب التونسي يرفض مشروعه السياسي. هذا الادعاء يحتاج إلى تدقيق وتقييم، حيث أن هناك مؤشرات تدعم هذا الادعاء، وهناك مؤشرات تدحضه. من الصعب تحديد موقف قاطع للشعب التونسي من الرئيس سعيد، حيث أن الرأي العام متأرجح ومتغير، ويتأثر بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يجب على المراقبين والمحللين أن يتعاملوا مع هذا الموضوع بحذر وموضوعية، وأن يأخذوا في الاعتبار جميع وجهات النظر والمؤشرات قبل إصدار أي حكم نهائي.
مقالات مرتبطة