المبعوث الأممي لسوريا الأوضاع في سوريا ليست مرتبطة فقط بإيران وتركيا وروسيا

تحليل لتصريحات المبعوث الأممي لسوريا: تعقيدات الأزمة تتجاوز التدخلات الإقليمية

يمثل فيديو يوتيوب بعنوان المبعوث الأممي لسوريا الأوضاع في سوريا ليست مرتبطة فقط بإيران وتركيا وروسيا نافذة مهمة لفهم تعقيدات الأزمة السورية المتفاقمة. يثير الفيديو، المتاح على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=7ddj2FCoxRs، نقطة محورية حول ضرورة النظر إلى الأزمة السورية من منظور أوسع يتجاوز التركيز المعتاد على التدخلات الإقليمية من قبل إيران وتركيا وروسيا. هذه المقالة تحاول الغوص في تفاصيل هذه التصريحات، وتحليل أبعادها المختلفة، ومناقشة العوامل الأخرى التي تساهم في استمرار الصراع وتعقيده.

تجاوز التبسيط: الأزمة السورية ليست مجرد صراع إقليمي

لطالما تم اختزال الأزمة السورية في صراع بالوكالة بين قوى إقليمية ودولية، حيث تلعب إيران وتركيا وروسيا أدواراً بارزة في دعم أطراف مختلفة من الصراع. ومع ذلك، فإن تصريحات المبعوث الأممي تشدد على أن هذا التبسيط يغفل جوانب أساسية من الأزمة. ففي حين أن تأثير هذه الدول لا يمكن إنكاره، إلا أنه ليس العامل الوحيد أو حتى الأهم في استمرار الصراع.

إن التركيز المفرط على التدخلات الإقليمية قد يؤدي إلى تجاهل العوامل الداخلية التي ساهمت في نشوب الأزمة في المقام الأول، مثل:

• الاستبداد السياسي والفساد: لعقود طويلة، عانى الشعب السوري من نظام حكم مستبد وقمع للحريات الأساسية، بالإضافة إلى تفشي الفساد في مختلف مؤسسات الدولة. هذه العوامل أدت إلى تراكم الإحباط والغضب الشعبي، وساهمت في اندلاع الاحتجاجات التي تحولت لاحقاً إلى صراع مسلح.
• التهميش الاقتصادي والاجتماعي: شهدت سوريا قبل عام 2011 تفاوتاً كبيراً في توزيع الثروة، حيث تركزت السلطة والنفوذ الاقتصادي في أيدي قلة قليلة. هذا التهميش الاقتصادي والاجتماعي أدى إلى تزايد الفقر والبطالة، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة، مما زاد من حدة الاستياء الشعبي.
• التحيزات الطائفية والمذهبية: على الرغم من أن المجتمع السوري يتميز بالتنوع الطائفي والمذهبي، إلا أن النظام الحاكم سعى إلى ترسيخ تحيزات طائفية لضمان بقائه في السلطة. هذه التحيزات أدت إلى تفاقم الانقسامات المجتمعية، وساهمت في تحول الصراع إلى حرب أهلية ذات أبعاد طائفية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار دور الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل الجماعات المسلحة المختلفة، والتي تتنافس على السلطة والنفوذ في سوريا. هذه الجماعات تتلقى الدعم من مصادر مختلفة، سواء داخلية أو خارجية، ولديها أجندات خاصة تختلف عن أجندات الدول الإقليمية.

الأبعاد الدولية للأزمة السورية

لا يمكن فهم الأزمة السورية بمعزل عن السياق الدولي الأوسع. فالصراع في سوريا تحول إلى ساحة لتنافس القوى الكبرى، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق مصالحها الخاصة. ومن بين العوامل الدولية التي تساهم في تعقيد الأزمة:

• غياب توافق دولي: على الرغم من الجهود الدبلوماسية المتعددة، لم يتمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى توافق حول حل سياسي للأزمة السورية. هذا الغياب للتوافق أدى إلى استمرار الصراع وإطالة معاناة الشعب السوري.
• تضارب المصالح: تتضارب مصالح القوى الكبرى في سوريا، حيث تدعم كل دولة طرفاً مختلفاً من الصراع. هذا التضارب في المصالح يعيق أي جهود جادة للتوصل إلى حل سياسي.
• دور المنظمات الإرهابية: استغلت المنظمات الإرهابية، مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة، الفوضى والصراع في سوريا لتعزيز نفوذها. هذه المنظمات تشكل تهديداً ليس فقط لسوريا، بل للمنطقة والعالم أجمع.

إن الحل للأزمة السورية يتطلب جهوداً دولية منسقة، تهدف إلى التوصل إلى توافق حول حل سياسي شامل يضمن وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، ويحمي حقوق جميع السوريين.

الحاجة إلى حل سياسي شامل

لا يمكن حل الأزمة السورية من خلال الحلول العسكرية. فالحرب المستمرة لن تؤدي إلا إلى المزيد من الدمار والمعاناة، ولن تحقق الاستقرار الدائم. الحل الوحيد الممكن هو الحل السياسي الشامل، الذي يتضمن:

• وقف إطلاق النار الشامل: يجب أن يكون وقف إطلاق النار الشامل هو الخطوة الأولى نحو الحل السياسي. يجب على جميع الأطراف المتنازعة الالتزام بوقف إطلاق النار، والانخراط في مفاوضات جادة للتوصل إلى اتفاق سياسي.
• عملية سياسية شاملة: يجب أن تشمل العملية السياسية جميع الأطراف السورية، بما في ذلك الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. يجب أن تهدف العملية السياسية إلى التوصل إلى دستور جديد يضمن حقوق جميع السوريين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
• المصالحة الوطنية: يجب أن تكون المصالحة الوطنية جزءاً أساسياً من الحل السياسي. يجب على السوريين أن يتجاوزوا الانقسامات والخلافات، وأن يعملوا معاً لبناء مستقبل أفضل لسوريا.
• إعادة الإعمار: يجب أن يرافق الحل السياسي برنامج شامل لإعادة إعمار سوريا، وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، وتقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين من الحرب.

إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف السورية، ودعماً دولياً قوياً. يجب على المجتمع الدولي أن يقف إلى جانب الشعب السوري، وأن يساعده في بناء مستقبل أفضل.

خلاصة

تصريحات المبعوث الأممي، كما وردت في الفيديو المذكور، تضعنا أمام حقيقة مؤلمة وهي أن الأزمة السورية أعقد بكثير من مجرد صراع إقليمي. إن التدخلات الخارجية من قبل إيران وتركيا وروسيا تلعب دوراً، ولكنها ليست القصة الكاملة. إن العوامل الداخلية، مثل الاستبداد السياسي والفساد والتهميش الاقتصادي والاجتماعي والتحيزات الطائفية، لعبت دوراً حاسماً في نشوب الأزمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأبعاد الدولية للأزمة، مثل غياب التوافق الدولي وتضارب المصالح ودور المنظمات الإرهابية، تزيد من تعقيد الوضع.

إن الحل للأزمة السورية يتطلب رؤية شاملة تتجاوز التبسيط والاختزال. يجب أن ندرك أن الحل الوحيد الممكن هو الحل السياسي الشامل، الذي يتضمن وقف إطلاق النار الشامل وعملية سياسية شاملة ومصالحة وطنية وإعادة إعمار. إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف السورية، ودعماً دولياً قوياً. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته وأن يساعد الشعب السوري في بناء مستقبل أفضل.