كيف يمكن تفسير سعادة نتنياهو بوصول ترمب لرئاسة الولايات المتحدة
كيف يمكن تفسير سعادة نتنياهو بوصول ترمب لرئاسة الولايات المتحدة؟ تحليل معمق
الرابط المرجعي: https://www.youtube.com/watch?v=wC0bSx047pA
فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2016 أثار ردود فعل متباينة حول العالم. بينما عبر البعض عن قلقهم من السياسات التي قد يتبعها، احتفل آخرون بهذا الفوز، وكان من بين أبرز هؤلاء المحتفلين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو. هذا المقال يسعى إلى تحليل أسباب سعادة نتنياهو بوصول ترامب إلى السلطة، مستنداً إلى سياقات تاريخية وسياسية واقتصادية معقدة، مع الأخذ في الاعتبار التطورات اللاحقة التي شهدتها العلاقات الأمريكية الإسرائيلية خلال فترة رئاسة ترامب.
أولاً: نهاية حقبة أوباما والعلاقات المتوترة
لتقييم سعادة نتنياهو بفوز ترامب، لا بد من الرجوع إلى الوراء قليلاً واستعراض طبيعة العلاقة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. شهدت فترة حكم أوباما توترات ملحوظة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، على الرغم من المساعدات العسكرية الأمريكية الضخمة لإسرائيل. كان الخلاف الأبرز بين الطرفين هو حول الملف النووي الإيراني، حيث قاد أوباما مفاوضات أدت إلى الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015، وهو الاتفاق الذي عارضه نتنياهو بشدة، معتبراً إياه تهديداً وجودياً لإسرائيل. لم يقتصر الخلاف على هذا الملف، بل امتد ليشمل ملف التسوية الإسرائيلية الفلسطينية، حيث انتقدت إدارة أوباما بشدة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، واعتبرته عقبة أمام تحقيق السلام. بلغت التوترات ذروتها عندما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان الإسرائيلي، مما سمح بتمرير القرار. في هذا السياق، كان وصول ترامب إلى السلطة بمثابة نهاية حقبة بالنسبة لنتنياهو، وحقبة اتسمت بتحديات جمة في العلاقات مع واشنطن.
ثانياً: ترامب وتحقيق الأحلام الإسرائيلية المؤجلة
على النقيض من أوباما، تبنى ترامب مواقف مؤيدة لإسرائيل بشكل صريح وواضح، مما دفع نتنياهو إلى التفاؤل بإمكانية تحقيق العديد من الأهداف الإسرائيلية التي ظلت معلقة لفترة طويلة. من بين هذه الأهداف:
- نقل السفارة الأمريكية إلى القدس: وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهو وعد طالما طالبت به إسرائيل. نفذ ترامب هذا الوعد بالفعل في عام 2018، في خطوة أثارت غضب الفلسطينيين والعالم العربي، لكنها لاقت ترحيباً حاراً في إسرائيل واعتبرت اعترافاً أمريكياً بالقدس عاصمة لإسرائيل.
- الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان: في عام 2019، وقع ترامب إعلاناً يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة. هذه الخطوة كانت بمثابة تغيير جذري في السياسة الأمريكية، التي لطالما اعتبرت الجولان أرضاً محتلة.
- الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني: كما وعد ترامب خلال حملته الانتخابية، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018، وفرضت عقوبات اقتصادية مشددة على إيران. هذه الخطوة لاقت ترحيباً كبيراً في إسرائيل، التي تعتبر إيران تهديداً وجودياً لها.
- دعم المواقف الإسرائيلية في المحافل الدولية: عملت إدارة ترامب على دعم المواقف الإسرائيلية في المحافل الدولية، ووقفت في وجه القرارات التي تدين إسرائيل في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.
- صفقة القرن: طرحت إدارة ترامب خطة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، عُرفت باسم صفقة القرن. هذه الخطة كانت منحازة بشكل كبير لإسرائيل، وتضمنت تنازلات كبيرة من الفلسطينيين، مما أدى إلى رفضها من قبل القيادة الفلسطينية.
كل هذه الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب كانت بمثابة مكافآت لإسرائيل، وحققت لها العديد من الأهداف التي طالما سعت إليها. لذلك، لم يكن من المستغرب أن يعبر نتنياهو عن سعادته بوصول ترامب إلى السلطة، فهو يرى في ترامب حليفاً قوياً يعمل على تحقيق المصالح الإسرائيلية.
ثالثاً: المكاسب السياسية الداخلية
بالإضافة إلى المكاسب الجيوسياسية، استفاد نتنياهو أيضاً سياسياً من علاقته الوثيقة مع ترامب. كان نتنياهو يروج لنفسه على أنه الزعيم القوي القادر على حماية إسرائيل وضمان مصالحها، وعلاقته الجيدة مع الرئيس الأمريكي كانت بمثابة دليل على قدرته على تحقيق ذلك. ساعدت هذه العلاقة نتنياهو على تعزيز شعبيته بين ناخبيه، خاصةً اليمينيين المتطرفين، الذين يرون في ترامب بطلاً يدافع عن إسرائيل.
رابعاً: التحديات المستقبلية
على الرغم من المكاسب التي حققتها إسرائيل خلال فترة حكم ترامب، إلا أن هذه المكاسب قد تكون هشة وقابلة للتغيير. مع وصول إدارة جديدة إلى السلطة في الولايات المتحدة، قد تتغير السياسات الأمريكية تجاه إسرائيل، وقد تعود التوترات إلى العلاقات بين البلدين. لذلك، يجب على إسرائيل أن تتعامل بحذر مع التغيرات السياسية في الولايات المتحدة، وأن تسعى إلى بناء علاقات قوية مع جميع الأطراف السياسية الأمريكية، لضمان استمرار الدعم الأمريكي لها.
خلاصة
يمكن تفسير سعادة نتنياهو بوصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة من خلال عدة عوامل، أبرزها نهاية حقبة العلاقات المتوترة مع إدارة أوباما، وإمكانية تحقيق الأحلام الإسرائيلية المؤجلة بفضل الدعم الأمريكي القوي، والمكاسب السياسية الداخلية التي حققها نتنياهو من خلال علاقته الوثيقة مع ترامب. ومع ذلك، يجب على إسرائيل أن تكون على دراية بالتحديات المستقبلية، وأن تسعى إلى بناء علاقات قوية مع جميع الأطراف السياسية الأمريكية، لضمان استمرار الدعم الأمريكي لها.
يبقى أن نشير إلى أن هذه التحليلات لا تمثل بالضرورة وجهة نظر محددة، بل هي محاولة لفهم دوافع السلوك السياسي في ضوء المعطيات المتوفرة. ومن المهم الاستمرار في تحليل وتقييم التطورات في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، لفهم أفضل للديناميكيات الإقليمية والدولية.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة
Youtube
مدة القراءة