مشهد بات متكررا في اليمن الآلاف يتظاهرون في صنعاء ومدن أخرى تنديدا بالتخاذل العربي تجاه غزة
مشهد بات متكرراً: تظاهرات اليمن تندد بالتخاذل العربي تجاه غزة
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=D_E7zCh9B9o
لم تعد المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية في اليمن حدثاً استثنائياً، بل أصبحت جزءاً من المشهد اليومي، تعكس عمق الارتباط الوجداني والتاريخي للشعب اليمني بالقضية الفلسطينية. الفيديو المذكور، والذي يوثق تظاهرات حاشدة في صنعاء ومدن يمنية أخرى، هو مجرد مثال واحد على سلسلة من التحركات الشعبية التي تعبر عن الغضب والسخط تجاه ما يعتبره اليمنيون تخاذلاً عربياً تجاه ما يجري في قطاع غزة المحاصر.
إن هذه المظاهرات، التي غالباً ما تتميز بحضور واسع النطاق ورفع شعارات قوية، لا تقتصر على فئة معينة من المجتمع اليمني، بل تشمل شرائح متنوعة من الرجال والنساء والأطفال، من مختلف الخلفيات الاجتماعية والسياسية. وهذا يعكس إجماعاً وطنياً على دعم الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن جراء الحرب والصراع المستمر منذ سنوات.
إن تحليل هذه التظاهرات يتطلب فهم السياقين اليمني والعربي، وكيف يتفاعلان لتشكيل هذا المشهد المتكرر. فمن ناحية، يعاني اليمن من أزمة إنسانية حادة، وتدهور اقتصادي، وصراع سياسي معقد. ومع ذلك، يجد اليمنيون في قضية فلسطين متنفساً للتعبير عن تضامنهم مع قضية يرونها جوهرية ومصيرية للأمة العربية والإسلامية. ومن ناحية أخرى، يشعر الكثير من اليمنيين بالإحباط وخيبة الأمل تجاه المواقف الرسمية لبعض الدول العربية، التي يعتبرونها غير كافية في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.
الشعارات التي ترفع في هذه المظاهرات غالباً ما تعكس هذا الشعور المزدوج بالإحساس بالمسؤولية تجاه فلسطين، والإحباط من التخاذل العربي. غالباً ما نسمع هتافات تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني. كما أن هناك تركيزاً على فضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، والتنديد بالصمت الدولي تجاه هذه الممارسات.
إن هذه التظاهرات لا تمثل فقط تعبيراً عن الغضب والسخط، بل هي أيضاً دعوة للعمل. إنها دعوة للشعوب العربية للتحرك والضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف أكثر حزماً تجاه القضية الفلسطينية. وهي أيضاً دعوة للمجتمع الدولي للتحرك لوقف العدوان الإسرائيلي، وحماية الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال.
بالإضافة إلى الجانب الشعبي، فإن هذه التظاهرات غالباً ما تحظى بدعم من بعض القوى السياسية اليمنية، التي ترى في القضية الفلسطينية فرصة لتوحيد الصفوف، وتعبئة الجماهير، وتعزيز مكانتها في الداخل والخارج. ومع ذلك، فإن هذه التظاهرات لا يمكن اختزالها في مجرد أداة سياسية، بل هي تعبير حقيقي عن مشاعر الشعب اليمني، وعن إيمانه بعدالة القضية الفلسطينية.
إن استمرار هذه التظاهرات، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن، يدل على أن القضية الفلسطينية لا تزال حية في قلوب اليمنيين، وأنهم لن يتخلوا عنها مهما كانت التحديات. وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق القوى السياسية اليمنية، وعلى عاتق الدول العربية والإسلامية، وعلى عاتق المجتمع الدولي، للعمل بجدية من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
قد يتساءل البعض عن تأثير هذه المظاهرات على أرض الواقع. هل يمكن لهذه المظاهرات أن تحدث فرقاً في ميزان القوى، أو أن تغير من سياسات الدول؟ ربما لا يكون لها تأثير مباشر وفوري، ولكنها بالتأكيد تساهم في رفع الوعي بالقضية الفلسطينية، وفي الضغط على الحكومات، وفي تعزيز التضامن العربي والإسلامي. كما أنها تبعث برسالة قوية إلى الشعب الفلسطيني، مفادها أنه ليس وحيداً في معركته، وأن هناك من يدعمه ويسانده في كل مكان.
في الختام، يمكن القول أن هذه التظاهرات المتكررة في اليمن، والتي تندد بالتخاذل العربي تجاه غزة، هي دليل على حيوية القضية الفلسطينية في الوجدان الشعبي اليمني، وعلى إصرار اليمنيين على دعم الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة. وهي أيضاً دعوة للعمل، ودعوة للأمل، ودعوة للوحدة، من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
إن مشاهد هذه التظاهرات، والتي يوثقها الفيديو المذكور، تستحق المشاهدة والتحليل، لأنها تعكس جانباً مهماً من الواقع اليمني، وتعبر عن صوت الشعب، الذي لا يزال يؤمن بقيم العدالة والحرية والتضامن.
إن القضية الفلسطينية، كما تتجلى في هذه التظاهرات، هي ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية، تتجاوز الحدود والجنسيات، وتوحد القلوب والعقول. وهي قضية تستحق أن نقف معها بكل ما أوتينا من قوة، حتى يتحقق العدل والسلام.
لذلك، فإن هذه التظاهرات في اليمن هي ليست مجرد مشهد متكرر، بل هي مشهد ملهم، ومشهد يدعو إلى التفاؤل، ومشهد يؤكد أن الأمل لا يزال حياً، وأن النصر قادم لا محالة.
إن هذه التظاهرات هي رسالة واضحة للعالم أجمع، بأن الشعب اليمني، رغم كل الصعاب والتحديات، لا يزال وفياً لقضايا أمته، ولا يزال يؤمن بقيم العدالة والحرية، ولا يزال مصراً على دعم الشعب الفلسطيني حتى تحقيق النصر.
فلنستمع إلى صوت الشعب اليمني، ولنعمل معاً من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، ولنقف مع الشعب الفلسطيني حتى يتحقق حلمه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
مقالات مرتبطة