بلينكن في السعودية مهمة دفع نحو التطبيع مع إسرائيل من باب الدفاع المشترك غرفة_الأخبار
بلينكن في السعودية: مهمة دفع نحو التطبيع مع إسرائيل من باب الدفاع المشترك
زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المملكة العربية السعودية، كما تم تناولها في فيديو اليوتيوب المعنون بـ بلينكن في السعودية مهمة دفع نحو التطبيع مع إسرائيل من باب الدفاع المشترك غرفة_الأخبار والمتاح على الرابط https://www.youtube.com/watch?v=HlJJY1I4-qY، تثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة، ومستقبل العلاقات السعودية الإسرائيلية، وتداعيات هذه الديناميكيات على الأمن الإقليمي. بعيدًا عن التصريحات الدبلوماسية المعتادة، يتبين من تحليل سياق الزيارة والمواقف المعلنة، أن هناك محاولة حثيثة لترسيخ فكرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وتحديدًا من خلال ربطها بمفهوم الدفاع المشترك ضد التهديدات الإقليمية، خاصةً تلك التي يُنظر إليها على أنها قادمة من إيران.
الولايات المتحدة، تاريخيًا، لعبت دورًا محوريًا في تشكيل ملامح السياسة في الشرق الأوسط. وهي تسعى دائمًا إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة، والتي تشمل ضمان تدفق النفط، ومكافحة الإرهاب، والحفاظ على أمن إسرائيل. وخلال السنوات الأخيرة، برزت استراتيجية جديدة تعتمد على بناء تحالفات إقليمية قوية، قادرة على مواجهة التحديات المشتركة، وهو ما يفسر المساعي الأمريكية الدؤوبة لجمع السعودية وإسرائيل تحت مظلة واحدة.
فكرة الدفاع المشترك تبدو جذابة ظاهريًا، خاصةً في ظل تصاعد التوترات الإقليمية. فالمملكة العربية السعودية، باعتبارها قوة إقليمية كبرى، تشعر بقلق متزايد إزاء تنامي نفوذ إيران، وسعيها لامتلاك القدرات النووية، ودعمها للجماعات المسلحة في المنطقة. وإسرائيل، من جانبها، تنظر إلى إيران باعتبارها تهديدًا وجوديًا، وتسعى إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية لمواجهة هذا التهديد. من هذا المنطلق، فإن بناء تحالف دفاعي مشترك بين السعودية وإسرائيل، بدعم أمريكي، يبدو منطقيًا من الناحية الاستراتيجية.
إلا أن هذه الصورة المثالية تخفي وراءها تعقيدات كبيرة، وتحديات جمة. أولًا، القضية الفلسطينية لا تزال تمثل حجر الزاوية في أي تقارب عربي إسرائيلي. فالسعودية، تاريخيًا، كانت ملتزمة بمبادرة السلام العربية، التي تشترط الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مقابل التطبيع الكامل مع إسرائيل. وعلى الرغم من أن هناك تغييرًا تدريجيًا في الخطاب السعودي تجاه إسرائيل، إلا أنه لا يزال من الصعب تصور تطبيع كامل دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
ثانيًا، الرأي العام العربي، وخاصةً في السعودية، لا يزال ينظر إلى إسرائيل بعين الريبة وعدم الثقة. فالصورة النمطية لإسرائيل كقوة احتلال، وقمع للشعب الفلسطيني، لا تزال حاضرة بقوة في الذاكرة الجمعية. ولذلك، فإن أي خطوة نحو التطبيع مع إسرائيل، دون تحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسطينية، قد تؤدي إلى ردود فعل شعبية غاضبة، وتقويض استقرار النظام الحاكم.
ثالثًا، هناك مخاوف من أن يؤدي أي تحالف دفاعي مشترك بين السعودية وإسرائيل، إلى تصعيد التوترات الإقليمية، وإشعال فتيل صراعات جديدة. فإيران، على سبيل المثال، قد تنظر إلى هذا التحالف باعتباره تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وقد ترد عليه بأساليب مختلفة، بما في ذلك دعم الجماعات المسلحة في المنطقة، أو تطوير قدراتها النووية. وهذا بدوره قد يدفع المنطقة إلى حافة الهاوية.
رابعًا، الولايات المتحدة، على الرغم من سعيها الحثيث للتطبيع بين السعودية وإسرائيل، إلا أنها قد لا تكون قادرة على ضمان نجاح هذا المسعى. فالمصالح الأمريكية في المنطقة تتغير باستمرار، وقد تتخلى عن حلفائها الإقليميين في أي لحظة، إذا اقتضت ذلك مصالحها. وهذا ما يجعل السعودية حذرة في التعامل مع الولايات المتحدة، وتفضل الحفاظ على خياراتها مفتوحة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل داخلية في كل من السعودية وإسرائيل قد تعرقل عملية التطبيع. ففي السعودية، هناك قوى محافظة تعارض أي تقارب مع إسرائيل، وتدعو إلى التمسك بالثوابت الوطنية والقومية. وفي إسرائيل، هناك قوى يمينية متطرفة ترفض أي تنازلات للفلسطينيين، وتعرقل أي جهود للسلام.
في ضوء هذه التحديات، يبدو أن مهمة بلينكن في السعودية، والتي تهدف إلى دفع نحو التطبيع مع إسرائيل من باب الدفاع المشترك، ليست باليسيرة. فالتطبيع ليس مجرد اتفاق سياسي، بل هو عملية معقدة تتطلب تغييرًا في العقليات والمواقف، وبناء ثقة متبادلة بين الأطراف المعنية. وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا، ووقتًا طويلًا، وتنازلات متبادلة.
يبقى السؤال: هل ستنجح الولايات المتحدة في تحقيق هدفها؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك قدرة الولايات المتحدة على إقناع السعودية وإسرائيل بتقديم تنازلات، وقدرتها على تخفيف حدة التوترات الإقليمية، وقدرتها على ضمان استقرار المنطقة. وإذا لم تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق هذه الأهداف، فإن مساعيها للتطبيع قد تفشل، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية.
في الختام، يمكن القول إن زيارة بلينكن إلى السعودية، كما تم تناولها في فيديو اليوتيوب، تمثل محاولة أمريكية جديدة لترتيب الأوراق في الشرق الأوسط، وبناء تحالفات إقليمية قوية، قادرة على مواجهة التحديات المشتركة. إلا أن هذه المحاولة تواجه تحديات كبيرة، وتعقيدات جمة، وقد لا تحقق النتائج المرجوة. فالقضية الفلسطينية لا تزال تمثل عقبة رئيسية أمام أي تقارب عربي إسرائيلي، والرأي العام العربي لا يزال ينظر إلى إسرائيل بعين الريبة وعدم الثقة، والتصعيد الإقليمي يهدد بتقويض أي جهود للسلام. ولذلك، فإن مستقبل العلاقات السعودية الإسرائيلية، ومستقبل الأمن الإقليمي، لا يزالان غير واضحين.
مقالات مرتبطة
Youtube
مدة القراءة