Now

ملامح رد حزب الله المرتقب على الاستهدافات الأخيرة وإسرائيل تتوعد بتوسيع التصعيد في جنوب لبنان

تحليل لرد حزب الله المرتقب وتصعيد إسرائيل المحتمل في جنوب لبنان

يشكل الشريط الحدودي بين لبنان وإسرائيل منطقة ملتهبة، تشهد توترات متصاعدة بين حزب الله وإسرائيل. في ضوء الاستهدافات الأخيرة التي طالت عناصر من حزب الله، بات السؤال المطروح بإلحاح هو: ما هي ملامح الرد المرتقب من حزب الله؟ وما هي السيناريوهات المحتملة للتصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان؟ هذا المقال يسعى إلى تحليل هذه التساؤلات، مستنداً إلى قراءة متأنية للأحداث الجارية، والتصريحات الصادرة عن الطرفين، والتحليلات السياسية والعسكرية المتوفرة.

خلفية التوتر: جذور الصراع المستمر

الصراع بين حزب الله وإسرائيل ليس وليد اللحظة، بل هو صراع تاريخي متجذر يعود إلى نشأة حزب الله في ثمانينيات القرن الماضي. وقد شهدت المنطقة عدة جولات من المواجهات العسكرية، أبرزها حرب تموز 2006، التي خلفت دماراً واسعاً في لبنان وأسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح. على الرغم من مرور سنوات على هذه الحرب، إلا أن حالة اللا سلم واللا حرب ما زالت هي السائدة، مع استمرار المناوشات المتقطعة والتهديدات المتبادلة بين الطرفين.

تتعدد أسباب هذا التوتر المستمر، منها الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية والبرية، ودعم حزب الله لحركات المقاومة الفلسطينية، وتدخل الحزب في الصراعات الإقليمية، وخاصة في سوريا، وتصاعد نفوذ إيران في المنطقة، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً وجودياً لها. بالإضافة إلى ذلك، تتهم إسرائيل حزب الله بتخزين كميات كبيرة من الأسلحة والصواريخ في جنوب لبنان، استعداداً لمواجهة محتملة.

الاستهدافات الأخيرة: شرارة جديدة في برميل البارود

في الآونة الأخيرة، تصاعدت حدة التوتر بين حزب الله وإسرائيل بشكل ملحوظ، وذلك على خلفية الاستهدافات التي طالت عناصر من حزب الله في سوريا ولبنان، والتي يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي المسؤولة عنها. وقد أثارت هذه الاستهدافات غضباً واسعاً في صفوف حزب الله، وتوعد قياداته بالرد المناسب على هذه الاعتداءات.

من بين أبرز هذه الاستهدافات، تلك التي طالت قيادات بارزة في حزب الله، بالإضافة إلى استهداف مواقع يعتقد أنها تستخدم لتخزين الأسلحة أو تدريب المقاتلين. وقد أدت هذه الاستهدافات إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف حزب الله، وهو ما اعتبره الحزب تجاوزاً للخطوط الحمراء وتصعيداً خطيراً من قبل إسرائيل.

ملامح الرد المرتقب من حزب الله: خيارات متعددة وسيناريوهات محتملة

في ظل هذا التصعيد، بات السؤال المطروح هو: كيف سيرد حزب الله على هذه الاستهدافات؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامه؟ من الواضح أن حزب الله يواجه معضلة حقيقية، فهو من جهة لا يستطيع السكوت على هذه الاعتداءات، ومن جهة أخرى لا يريد الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل، لما لذلك من تبعات كارثية على لبنان.

تحت ضغط جمهوره وقواعده، قد يلجأ حزب الله إلى أحد الخيارات التالية:

  1. رد محدود ومدروس: قد يختار حزب الله الرد بعملية عسكرية محدودة تستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود، أو تنفيذ عملية تسلل إلى داخل الأراضي المحتلة، بهدف إرسال رسالة ردع إلى إسرائيل، دون إشعال حرب شاملة.
  2. تصعيد تدريجي: قد يتبنى حزب الله استراتيجية التصعيد التدريجي، من خلال تنفيذ عمليات متتالية بوتيرة متزايدة، بهدف الضغط على إسرائيل وابتزازها، وإجبارها على وقف الاستهدافات.
  3. استهداف العمق الإسرائيلي: في حال استمرت إسرائيل في تصعيدها، قد يلجأ حزب الله إلى استهداف العمق الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة، بهدف إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والاقتصاد الإسرائيلي، وردع إسرائيل عن مواصلة عدوانها.
  4. الرد عبر حلفائه: قد يختار حزب الله الرد عبر حلفائه في المنطقة، مثل الفصائل الفلسطينية في غزة، أو الحوثيين في اليمن، بهدف إرباك إسرائيل وتشتيت جهودها، وتجنب الدخول في مواجهة مباشرة معها.
  5. الاحتواء والتهدئة: قد يلجأ حزب الله إلى خيار الاحتواء والتهدئة، من خلال اللجوء إلى الوساطات الدولية والإقليمية، بهدف نزع فتيل الأزمة، وتجنب الانجرار إلى حرب مدمرة.

من المؤكد أن حزب الله سيضع في الاعتبار عدة عوامل قبل اتخاذ قراره بالرد، منها طبيعة الاستهدافات الإسرائيلية، وحجم الخسائر التي تكبدها، وردود الفعل الداخلية والخارجية المتوقعة، وقدرته على تحمل تبعات الرد.

التصعيد الإسرائيلي المحتمل: سيناريوهات الحرب الشاملة

في المقابل، تتوعد إسرائيل بتوسيع التصعيد في جنوب لبنان في حال رد حزب الله على الاستهدافات الأخيرة. وقد هدد مسؤولون إسرائيليون بشن حرب واسعة النطاق على لبنان، بهدف تدمير البنية التحتية لحزب الله، وإبعاد مقاتليه عن الحدود، ومنعهم من الحصول على الأسلحة.

تتعدد السيناريوهات المحتملة للتصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان، منها:

  1. عملية عسكرية محدودة: قد تشن إسرائيل عملية عسكرية محدودة في جنوب لبنان، بهدف تدمير مواقع محددة لحزب الله، أو استهداف قياداته، أو مصادرة أسلحته.
  2. حرب جوية: قد تشن إسرائيل حرباً جوية واسعة النطاق على لبنان، تستهدف البنية التحتية لحزب الله، والمؤسسات الحكومية، والمناطق السكنية، بهدف إضعاف الحزب وإجباره على الاستسلام.
  3. اجتياح بري: قد تشن إسرائيل اجتياحاً برياً واسع النطاق لجنوب لبنان، بهدف السيطرة على المنطقة، وتطهيرها من مقاتلي حزب الله، وإقامة منطقة عازلة على الحدود.
  4. حرب شاملة: قد تشن إسرائيل حرباً شاملة على لبنان، تشمل جميع المناطق اللبنانية، وتستهدف البنية التحتية للدولة، والمؤسسات الحكومية، والمناطق السكنية، بهدف تدمير الدولة اللبنانية وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

من الواضح أن إسرائيل تسعى إلى استغلال الوضع الحالي لتوجيه ضربة قاصمة لحزب الله، وتقويض نفوذه في المنطقة، وتحقيق مكاسب استراتيجية لها. إلا أن شن حرب على لبنان ليس قراراً سهلاً، لما له من تبعات كارثية على إسرائيل نفسها، وعلى المنطقة بأسرها.

التداعيات المحتملة للتصعيد: كارثة إنسانية وأزمة إقليمية

في حال اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل، فإن التداعيات ستكون كارثية على كلا الطرفين، وعلى المنطقة بأسرها. فالحرب ستؤدي إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى، وتشريد مئات الآلاف من المدنيين، وتدمير البنية التحتية، وتعطيل الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الإنسانية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الحرب ستؤدي إلى تصاعد التوتر الطائفي والمذهبي في المنطقة، وتوسيع دائرة الصراع، وتدخل قوى إقليمية ودولية، وهو ما قد يؤدي إلى تحويل المنطقة إلى ساحة حرب بالوكالة بين القوى المتنافسة.

لذلك، فإن تجنب الحرب بين حزب الله وإسرائيل هو ضرورة ملحة، ويتطلب من جميع الأطراف التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، واللجوء إلى الحوار والتفاوض، والعمل على إيجاد حلول سلمية للأزمة القائمة.

الخلاصة: نحو حلول سلمية للأزمة

إن الوضع الحالي في جنوب لبنان ينذر بخطر حقيقي، ويتطلب من جميع الأطراف المعنية التحرك السريع والفعال لمنع الانزلاق إلى حرب مدمرة. يجب على المجتمع الدولي أن يضطلع بدوره في الضغط على الطرفين لخفض التصعيد، والعودة إلى طاولة المفاوضات، والعمل على إيجاد حلول سلمية للأزمة القائمة.

إن الحلول العسكرية ليست هي الحل، بل هي جزء من المشكلة. الحل الحقيقي يكمن في معالجة جذور الصراع، وإزالة الأسباب التي تؤدي إلى التوتر، والعمل على بناء علاقات ثقة وتعاون بين جميع الأطراف.

يجب على لبنان أن يلعب دوراً فعالاً في نزع فتيل الأزمة، من خلال الحفاظ على استقراره الداخلي، وتعزيز وحدته الوطنية، والعمل على تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بلبنان، وخاصة القرار 1701.

يجب على إسرائيل أن تدرك أن الأمن لا يتحقق بالقوة العسكرية، بل يتحقق بالسلام العادل والشامل، الذي يضمن حقوق جميع الأطراف، ويحترم سيادة الدول، ويحقق الاستقرار والازدهار للجميع.

في النهاية، فإن مستقبل جنوب لبنان والمنطقة بأسرها يتوقف على قدرة الأطراف المعنية على تجاوز خلافاتهم، والعمل معاً من أجل بناء مستقبل أفضل للجميع.

مقالات مرتبطة

الجيش الإسرائيلي مقتل 4 ضباط أحدهم برتبة رائد و3 برتبة ملازم في رفح جنوبي قطاع غزة

كيف يُقرأ التصعيد الإسرائيلي الجديد على لبنان

مصدر قيادي بحزب الله للجزيرة الاعتداءات فرصة لتوحيد اللبنانيين ووقف العدوان أولوية قبل أي شيء آخر

إسرائيل تصعد في جنوب لبنان ما وراء الخبر يناقش رسائل التصعيد

مصادر عسكرية للجزيرة الدعم السريع يقصف بالمدفعية الثقيلة مراكز الإيواء وحيي أبو شوك ودرجة

المبعوث الأممي إلى سوريا للجزيرة ما تقوم به إسرائيل في سوريا مؤذ ومضر

الناطق العسكري باسم أنصار الله قصفنا هدفا عسكريا في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي

عمليات بارزة على الحدود الأردنية الإسرائيلية من الدقامسة إلى معبر اللنبي تعرف إليها

وول ستريت جورنال عن مسؤولين ترمب أخبر مساعديه أن نتنياهو يُفضل استخدام القوة بدلا من التفاوض

في حفل موسيقي عالمي قائد أوركسترا إسرائيلي يهاجم حرب غزة

مسار الأحداثالاحتلال يواصل عملياته بمدينة غزة وعمليات متعددة ضد أهداف إسرائيلية

الخارجية الأردنية تدين إطلاق النار على جسر اللنبي وتفتح تحقيقا عاجلا