هل ينجح التيار الإصلاحي في إيصال بزشكيان إلى رئاسة الجمهورية الإيرانية
هل ينجح التيار الإصلاحي في إيصال بزشكيان إلى رئاسة الجمهورية الإيرانية؟
رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=EP1XyqZrniU
تطرح الانتخابات الرئاسية الإيرانية، في كل دورة، أسئلة حاسمة حول مستقبل البلاد، ومسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وفي هذه الدورة، ومع ترشح مسعود بزشكيان، أحد أبرز الوجوه الإصلاحية، يبرز السؤال الأهم: هل ينجح التيار الإصلاحي في إيصاله إلى سدة الرئاسة؟ هذا السؤال لا يقتصر على مجرد تحديد الفائز في الانتخابات، بل يمتد ليشمل تقييم قوة التيار الإصلاحي، ومدى قدرته على تجاوز العقبات والتحديات التي تواجهه، في ظل مناخ سياسي واجتماعي معقد.
تحليل فرص بزشكيان في الفوز بالرئاسة يتطلب فهمًا عميقًا للسياق السياسي الإيراني، وتاريخ التيار الإصلاحي، والعوامل المؤثرة في سلوك الناخب الإيراني. كما يتطلب النظر إلى المنافسين، وبرامجهم الانتخابية، ومدى قدرتهم على جذب شرائح واسعة من المجتمع.
التيار الإصلاحي في إيران: تاريخ من الصعود والهبوط
يمتلك التيار الإصلاحي في إيران تاريخًا طويلًا من التقلبات، شهد فترات صعود وازدهار، وفترات تراجع وانحسار. بدأ هذا التيار في الظهور بقوة مع انتخاب محمد خاتمي رئيسًا للجمهورية عام 1997، حيث رفع شعارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وحظي بدعم شعبي واسع، خاصة بين الشباب والطبقة الوسطى. تميزت فترة خاتمي بمحاولات للانفتاح على العالم، وتوسيع الحريات، وتعزيز دور المجتمع المدني.
إلا أن التيار الإصلاحي واجه تحديات كبيرة، وعراقيل من قبل التيار المحافظ، الذي سيطر على المؤسسات الرئيسية في الدولة، وعرقل تنفيذ العديد من الإصلاحات. كما شهدت فترة خاتمي تراجعًا اقتصاديًا، وتزايدًا في البطالة والتضخم، مما أثر سلبًا على شعبيته.
بعد انتهاء فترة خاتمي، شهد التيار الإصلاحي تراجعًا ملحوظًا، خاصة مع انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسًا للجمهورية عام 2005، والذي تبنى سياسات محافظة متشددة، وقمع الحريات، وعزل إيران عن المجتمع الدولي. تسببت هذه السياسات في تدهور الأوضاع الاقتصادية، وتزايد الاستياء الشعبي.
في انتخابات عام 2013، تمكن التيار الإصلاحي، بدعم من المعتدلين، من تحقيق فوز كبير بانتخاب حسن روحاني رئيسًا للجمهورية. رفع روحاني شعارات الإصلاح والتغيير، وتمكن من تحقيق بعض النجاحات، خاصة في المجال النووي، حيث تم التوصل إلى الاتفاق النووي مع القوى العالمية. إلا أن روحاني واجه أيضًا تحديات كبيرة، أبرزها معارضة التيار المحافظ، والعقوبات الأمريكية التي فرضت على إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
بعد انتهاء فترة روحاني، وتولي إبراهيم رئيسي رئاسة الجمهورية، شهد التيار الإصلاحي مزيدًا من التهميش والإقصاء. تبنى رئيسي سياسات محافظة متشددة، وقمع الحريات، وعزز دور المؤسسات الدينية في الحياة السياسية والاجتماعية.
العوامل المؤثرة في فرص بزشكيان
في ظل هذا السياق المعقد، يواجه بزشكيان تحديات كبيرة في سعيه للوصول إلى الرئاسة. من بين العوامل المؤثرة في فرص نجاحه:
- قوة التيار الإصلاحي: يعاني التيار الإصلاحي من تشتت وضعف، نتيجة الخلافات الداخلية، والإقصاء والتهميش الذي تعرض له خلال السنوات الماضية. يحتاج بزشكيان إلى توحيد صفوف التيار، وحشد الدعم من مختلف الفصائل، من أجل تحقيق فوز مقنع.
- دعم الناخبين: يعتمد فوز بزشكيان على قدرته على جذب الناخبين، خاصة الشباب والطبقة الوسطى، الذين يشكلون القاعدة الانتخابية التقليدية للتيار الإصلاحي. يجب أن يتمكن بزشكيان من تقديم برنامج انتخابي مقنع، يلبي تطلعات هؤلاء الناخبين، ويعالج المشاكل التي تواجههم.
- المنافسون: يواجه بزشكيان منافسة قوية من مرشحي التيار المحافظ، الذين يتمتعون بدعم المؤسسات الرئيسية في الدولة، ووسائل الإعلام. يجب أن يتمكن بزشكيان من تقديم نفسه كبديل حقيقي، يختلف عن منافسيه في الرؤية والبرنامج.
- المناخ السياسي: تلعب الأجواء السياسية دورًا حاسمًا في تحديد نتائج الانتخابات. في ظل المناخ السياسي الحالي، الذي يتميز بالتشدد والقمع، قد يواجه بزشكيان صعوبات في التعبير عن آرائه، وحشد الدعم الشعبي.
- التدخلات الخارجية: قد تلعب التدخلات الخارجية دورًا في التأثير على نتائج الانتخابات، سواء من خلال دعم مرشح معين، أو من خلال نشر معلومات مضللة، أو من خلال ممارسة الضغوط الاقتصادية والسياسية.
البرنامج الانتخابي لبزشكيان
لكي يتمكن بزشكيان من تحقيق الفوز، يجب أن يقدم برنامجًا انتخابيًا مقنعًا، يلبي تطلعات الناخبين، ويعالج المشاكل التي تواجه البلاد. من بين القضايا التي يجب أن يتناولها برنامجه:
- الإصلاح السياسي: يجب أن يتضمن البرنامج الانتخابي لبزشكيان خططًا للإصلاح السياسي، تهدف إلى توسيع الحريات، وتعزيز دور المجتمع المدني، وتحسين العلاقة بين الدولة والمواطنين.
- الإصلاح الاقتصادي: يجب أن يتضمن البرنامج خططًا للإصلاح الاقتصادي، تهدف إلى معالجة التضخم والبطالة، وتحسين مستوى المعيشة، وتنويع مصادر الدخل القومي.
- العلاقات الخارجية: يجب أن يتضمن البرنامج خططًا لتحسين العلاقات الخارجية، وإعادة إيران إلى المجتمع الدولي، والتخفيف من حدة التوتر مع الدول الأخرى.
- الحريات الاجتماعية: يجب أن يتضمن البرنامج خططًا لتعزيز الحريات الاجتماعية، وحماية حقوق المرأة، وحقوق الأقليات، وحقوق الشباب.
- مكافحة الفساد: يجب أن يتضمن البرنامج خططًا لمكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية، ومحاسبة المسؤولين.
هل ينجح بزشكيان؟
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة، وتعتمد على العديد من العوامل، التي ذكرناها سابقًا. إلا أنه يمكن القول بأن فرص بزشكيان في الفوز بالرئاسة ليست معدومة، ولكنه يواجه تحديات كبيرة.
إذا تمكن بزشكيان من توحيد صفوف التيار الإصلاحي، وحشد الدعم من الناخبين، وتقديم برنامج انتخابي مقنع، وقادر على تجاوز العقبات والتحديات التي تواجهه، فإنه قد يتمكن من تحقيق الفوز، وإحداث تغيير حقيقي في إيران.
ولكن، إذا فشل بزشكيان في تحقيق هذه الأهداف، فإن فرص فوزه ستكون ضئيلة، وقد تستمر الأوضاع في إيران على ما هي عليه، أو قد تتدهور أكثر.
في النهاية، يبقى القرار في يد الناخب الإيراني، الذي سيحدد مصير البلاد في الانتخابات الرئاسية القادمة.
مقالات مرتبطة